اقتصاد دولي

كيف تفاعلت الأسواق مع "صدمة" البنك المركزي الأمريكي؟

باول: لا تزال المخاطر على التوقعات الاقتصادية قائمة بما في ذلك المتغيرات الجديدة لفيروس كورونا- جيتي
باول: لا تزال المخاطر على التوقعات الاقتصادية قائمة بما في ذلك المتغيرات الجديدة لفيروس كورونا- جيتي

تلقت الأسواق العالمية صدمة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) بعد قراره تثبيت سعر الفائدة قريبا من الصفر، وتلميحه إلى رفعها في منتصف آذار/ مارس المقبل، والإعلان عن رؤيته لمعالجة التضخم المرتفع.

 

وقال البنك المركزي، في بيان، في ختام اجتماع لجنة السياسة النقدية: "مع تضخم أعلى كثيرا من اثنين بالمئة، وسوق عمل قوية، تتوقع اللجنة أنه سيكون من الملائم قريبا رفع النطاق المستهدف لمعدل فائدة الأموال الاتحادية."

وبحسب البيان، فقد اتفق أعضاء اللجنة على مجموعة من المبادئ لتقليص كبير لحجم حيازاته من الأصول، مؤكدا أن تلك الخطة ستبدأ بعد رفع أسعار الفائدة، لكنه لم يذكر موعدا محددا.

 

وأضاف البيان: "اعتبارا من شباط/ فبراير، فإن اللجنة ستخفض شراء سندات الخزانة بما لا يقل عن 20 مليار دولار شهريا والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري للوكالة بما لا يقل عن 10 مليارات دولار شهريا".

 

وأوضح المركزي الأمريكي، أن اختلالات العرض والطلب المرتبطة بالجائحة، وإعادة فتح الاقتصاد ما زالا يساهمان في ارتفاع التضخم.

 

وفي مؤتمر صحفي بعد صدور البيان، أكد رئيس البنك المركزي الأمريكي جيروم باول أن مسار الاقتصاد لا يزال يعتمد على مسار فيروس كورونا، قائلا: "لا تزال المخاطر على التوقعات الاقتصادية قائمة، بما في ذلك المتغيرات الجديدة للفيروس".

وأضاف: "ستكون اللجنة على استعداد لتعديل موقف السياسة النقدية بالشكل المناسب إذا ظهرت مخاطر قد تعرقل تحقيق أهداف اللجنة".

وحول تلميحات رفع سعر الفائدة في آذار/ مارس المقبل قال باول: "قد يكون من الملائم ذلك، لكننا لم نتخذ قرارا بعد حول مستقبل رفع الفائدة والبيانات هي التي ستتحكم في قرارتنا"، مؤكدا أن الاقتصاد مختلف حاليا عما كان عليه في الماضي عندما تم رفع الفائدة.

وحول رؤيته لمعالجة التضخم المرتفع أوضح باول: "التضخم المرتفع سيئ للغاية، ولكننا سنستمر في الاستهلاك"، مؤكدا أن البنك المركزي الأمريكي لا يهدف إلى أن ينخفض التضخم دون مستوى 2 بالمئة، ويسعى إلى أن يستقر عند 2 بالمئة.

 

اقرأ أيضا: المركزي الأمريكي يثبت أسعار الفائدة.. ويلمح لرفعها في مارس

 

"صدمة الأسهم"

 

وفي أول رد فعل فور إعلان البنك المركزي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة، فقد انتعشت الأسهم الأمريكية وحققت مكاسب سريعة، لكنها سرعان ما فقدت تلك المكاسب وارتدت إلى النطاق السالب عند الإغلاق عقب نشر بيان المركزي الذي ألمح فيه إلى رفع سعر الفائدة خلال آذار/ مارس المقبل لمحاربة التضخم.

 

وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 0.38 بالمئة عند الإغلاق، مسجلا أدنى مستوى قياسي له خلال شهر، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي بنحو 0.15 بالمئة بينما ارتفع مؤشر ناسداك ارتفاعا طفيفا بنحو 0.02 بالمئة.

 

وكان قد جرى التداول بمؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية في المنطقة الإيجابية (الخضراء)، لكن سرعان ما طغا على المؤشرات الثلاثة اللون الأحمر بعد تصريحات رئيس البنك المركزي الأمريكي في المؤتمر الصحفي.

 

صعود الدولار

 

وصعد الدولار الأمريكي لأعلى مستوى في خمسة أسابيع الأربعاء بعد قرار البنك المركزي الأمريكي، وارتفاع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات منافسة، إلى أعلى مستوى منذ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، وجرى تداوله في أحدث التعاملات مرتفعا 0.53 بالمئة.

وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 1.78 بالمئة، بينما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاما إلى 2.12 بالمئة.

 

وخلال جلسة تداول الخميس في لندن تماسك مؤشر الدولار عند أعلى مستوياته منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، في حين تعثر اليورو حول أقل مستوى في شهرين عند 1.11930 دولار. كما سجل الدولار أعلى مستوى في أكثر من عام مقابل الدولار النيوزيلندي وأعلى مستوى في سبعة أسابيع مقابل الدولار الأسترالي.

وصعد الدولار مقابل عملات الأسواق الناشئة مع تحرك أسواق المال على نحو سريع مع محاولة استيعاب رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سعر الفائدة بما يصل إلى خمس مرات هذا العام.

وزاد الدولار 0.7 بالمئة مقابل الين الياباني وهو أعلى مستوى في أكثر من شهرين، في حين ارتفع العائدة على سندات الخزانة واكتسبت أسواق الأسهم دعما من توقعات رفع أسعار الفائدة.

وسجل مؤشر الدولار في أحدث تداول 96.825 متماسكا بالقرب من أعلى مستوى منذ منتصف ديسمبر كانون الأول.

 

اقرأ أيضا: خام برنت فوق 90 دولارا لأول مرة منذ سبع سنوات
 

ارتداد النفط

 

وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات الأربعاء إلى أعلى مستوى لها في نحو 8 سنوات، وتخطى سعر برميل خام برنت عتبة الـ90 دولارا للبرميل، على خلفية توترات في أوكرانيا، ومخاوف تحيط بالإمدادات في الشرق الأوسط.

 

لكن أسعار النفط ارتدت خلال التعاملات الصباحية من جلسة الخميس، مع ارتفاع الدولار وتراجع الأسهم الأمريكية. ويصبح النفط المقوم بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.


وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 62 سنت أو 0.69 بالمئة إلى 89.34 دولار للبرميل، بعد أن هبطت في وقت سابق بنحو 1.1 بالمئة إلى 89 دولارا. 

 

هبوط الذهب

وتراجعت أسعار الذهب وسط ارتفاع الدولار مقابل منافسيه وزيادة عوائد سندات الخزانة الأمريكية فضلا عن تقييم الأسواق لبيان الاحتياطي الفيدرالي.

وهوت أسعار الذهب في العقود الأمريكية الآجلة بأكثر من 35 دولارا للأوقية، الأربعاء، بنسبة تراجع بلغت نحو 2 بالمئة مسجلة 1814 دولارا للأوقية.

 

وعند الساعة الـ9:36 بتوقيت غرينتش من جلسة الخميس، انخفضت أسعار المعدن الأصفر في التعاملات الفورية بمقدار 4.47 دولارات أو بنسبة 0.25 بالمئة، ليتداول عند 1815.12 دولارا للأوقية.

وتراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم نيسان/أبريل بنسبة 0.87 بالمئة أو ما يعادل 16 دولارا، إلى مستوى 1816 دولارا للأوقية.

وعلى الرغم من أن الذهب أداة تحوط من التضخم والمخاطر الجيوسياسية، فإن رفع الفائدة يزيد من تكلفة الفرص البديلة لاقتناء الذهب الذي لا يدر عائدا. كما أن ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يجعل الذهب باهظ التكلفة بالنسبة للمشترين في الخارج.

وقال مسؤول بارز بصندوق النقد الدولي، الثلاثاء، إن رفع الفائدة الأمريكية المتوقع قد يعطل الانتعاش الاقتصادي في اقتصادات آسيا الناشئة ويبقي الضغط على واضعي السياسات للتحسب من خطر هروب رؤوس الأموال.

التعليقات (0)