سياسة عربية

الانتخابات المحلية في الجزائر.. أحزاب تستسلم وأخرى تصارع

تعقد الانتخابات المحلية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل- جيتي
تعقد الانتخابات المحلية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل- جيتي

واجهت الأحزاب السياسية في الجزائر، معركة حقيقية، من أجل تقديم قوائم مرشحين للانتخابات المحلية، انتهت باستسلام البعض في منتصف الطريق ودخول البعض الآخر في عدد محدود من البلديات.


وفرض قانون الانتخابات الجديد، شروطا مضنية من أجل الترشح لموعد يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، جعلت الكثير من الأحزاب والقوائم الأخرى تعجز عن تلبيتها، وهو ما ولّد حالة من التذمر الكبيرة في الوسط السياسي.


وفُرض على الأحزاب، جمع أكثر من 800 ألف توقيع على المستوى الوطني، في حالة رغبت في تقديم قوائم في كل البلديات والولايات، دون المرور بجمع التوقيعات في البلديات المعنية بالترشح.


ولأن هذا الشرط كان شاقّا على الأغلبية، لجأت الأحزاب إلى الطريقة الثانية التي تعني جمع التوقيعات على مستوى البلدية الراغبة في الترشح بها، حيث يجب جمع 35 توقيعا عن كل عضو في القائمة التي تمثل عدد مقاعد المجلس البلدي.


وفي هذه الحالة الأخيرة، تختلف كل بلدية عن أخرى، فالبلديات الصغيرة عدد مقاعد مجلسها صغير، ومن ثم يسهل نسبيا الجمع، أما البلديات الكبيرة فيكون صعبا. 

 

وكمثال على ذلك، فإن الترشح في كل بلديات العاصمة التي تضم حوالي الخمسين مجلس بلدي، يقتضي من الحزب السياسي أن يجمع حوالي 45 ألف توقيع.

 

ولم يكن هذا الإشكال الوحيد الذي طرحته الأحزاب، فقد اشتكى بعضها من تعرض قوائمها بعد أن نجحت في جمع التوقيعات، إلى عمليات زبر بطرقٍ غير قانونية وغير أخلاقية، وبقراراتٍ أمنية وسياسية وإدارية تعسفية، مثلما ورد في بياناتها.


وذهبت حركة مجتمع السلم التي حلّت ثالثة في الانتخابات التشريعية الأخيرة واختارت عدم دخول الحكومة، إلى وصف ما يحدث بالمهزلة الحقيقية، وهدّدت بإبقاء موقفها النهائي من هذه الانتخابات مفتوحا على كل الاحتمالات.


كذلك انتقد حزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي عاد للمسار الانتخابي بعد مقاطعته للمواعيد السابقة، العراقيل الإدارية ووصف قانون الانتخابات بأنه "إعلان حرب" على الأحزاب.

 

  اقرأ أيضا: رئيس "حمس" الجزائرية: الهجرة السرية ظاهرة سياسية بامتياز


أسباب التذمر

ولا يتردد ناصر حمدادوش مسؤول الإعلام بحركة مجتمع السلم، خلال حديثه مع "عربي 21"، في القول؛ إن هذه الانتخابات ستكون أسوأ انتخابات محلية في تاريخ البلاد.


وأوضح المتحدث، أنه على الرغم من حالة العزوف والمقاطعة الشعبية الواسعة التي تكرّست خلال الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية السابقة، فقد زاد في حالة التعقيد والتأزيم ضعف أداء السلطة المستقلة للانتخابات وتأخراتها في تسليم استمارات التوقيعات وملفات الترشح، وكذا هذا التعسف في فرض التوقيعات بذلك الحجم الكبير في كل البلديات والولايات.


 وعدّد النائب السابق، معاناة حزبه مع التعقيدات الإدارية في جمع التوقيعات والمصادقة عليها وصبها إلكترونيا في أقراص، وكذا التعسف في قبول هذه التوقيعات والأخطاء التقنية الكارثية في منصة الهيئة الناخبة، والأخطاء في الأسماء والأرقام، بالإضافة إلى ما طال هذه القوائم، حسبه، من عمليات الزبر والإقصاء خارج إطار ما ينص عليه قانون الانتخابات، لمجرد الشبهة والتقارير الأمنية والأحكام القضائية غير النهائية وغير السالبة للحرية ولأسباب غير معلنة في بعض الأحيان.


والواقع اليوم، وفق تصريحات ممثلي السلطة الوطنية للانتخابات، أن هناك مجالس بلدية لم تترشح فيها أي قائمة، وهناك مجالس فيها قائمة واحدة، وهناك مجالس كثيرة محدودة المنافسة بين قائمتين أو ثلاث فقط.


ويعكس ذلك بوضوح عدم القدرة على تجاوز العقبات القانونية، فقد أعلن مبكرا حزب طلائع الحريات عن عدم مشاركته في هذه الانتخابات، وتبعه في ذلك جبهة العدالة والتنمية التي اعتبرت نفسها "غير معنية" بهذا الموعد.


ويعتقد رمضان تعزيبت، القيادي في حزب العمال، أن الإشكال لا يتعلق فقط بالظروف التنظيمية لهذه الانتخابات، بل إلى وضع البلاد العام الذي لا يشجع حسبه على إجرائها.


وأوضح تعزيبت في تصريح لـ"عربي21"، أن الظرف السياسي وما يميزه من اعتقالات ومساس بالحريات، إضافة إلى الوضع الاجتماعي القاتل وتدني القدرة الشرائية، يدفعان للنفور من هذه الانتخابات.


وبحسب المتحدث، فإن حزبه ترك القرار لصالح المناضلين في القواعد؛ لأن ثمة آراء متنوعة في الحزب بين من يرى ضرورة المشاركة ومن يعتقد العكس، مع اتفاق الطرفين على توصيف الوضع نفسه.


لكن النقاش السياسي داخل الحزب ومع المواطنين، وفق تعزيبت، بيّن أن الانشغالات الأساسية لديهم تكمن في التدهور العنيف للشروط المعيشية لغالبية السكان.

 

اقرأ أيضا: FP: الجزائر بحاجة لحرب تحرير جديدة وهذه المرة من حكامها


السلطة تؤكد ارتفاع عدد المترشحين
أما وزارة الداخلية التي تشرف على الإدارات المحلية، فتنفي تماما بعض الاتهامات التي وجهتها الأحزاب، وقالت؛ إن "كل الإجراءات القانونية تم احترامها بالنسبة لتوقيت قفل العملية والانتهاء من عملية الإيداع"
وأوضح المفتش العام بالوزارة عبد الرحمن صديني، في لقاء له مع الإعلام، أنه عكس ما يتردد حول العزوف عن الترشح، فإن "عدد قوائم الترشيحات المودعة تفوق ما تم إيداعه في العهدة الماضية".


وبخلاف الانتقادات اللاذعة، أبرز المتحدث أن قانون الانتخابات هو "على الطريق الصحيح"، مشيرا إلى أن الأحزاب والمترشحين الأحرار بدؤوا يتكيفون مع نصوصه، وهو ما يظهر حسبه، في حجم القوائم المتنافسة.


من جانبه، يبدو محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية للانتخابية، متجاوزا للاتهامات والانتقادات التي تستهدفه حول المرحلة القبلية للانتخابات، حيث بات يتحدث عن الحملة الانتخابية في تصريحاته.


وأكد شرفي  خلال مشاركته في ندوة إعلامية، ضرورة "المراقبة الدقيقة لنشاطات الحملة لتجنب التأثير على مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية، وتفادي التشجيع المباشر وغير المباشر لفائدة مرشح على حساب آخر".


ونبّه المسؤول الأول عن الانتخابات في الجزائر، وسائل الإعلام إلى ضرورة التقيد بالأطر القانونية والأخلاقية التي تضبط عملها في مرافقة مختلف مراحل هذا الاستحقاق الانتخابي العام.


أسباب الفتور
غير أن الملاحظ، رغم قرب موعد الانتخابات، أن ثمة فتورا في التعاطي مع هذا الحدث، سواء على المستوى الشعبي أو حتى الإعلامي، إذ تطغى أحداث أخرى بشكل واضح على المشهد، مثل ملف الذاكرة وأزمة العلاقات مع فرنسا وتراجع القدرة الشرائية.


ويرى ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن بعض المؤشرات تُخبرنا بوجود توجهات جديدة  في المجتمع كانت حاضرة قبل الحراك الشعبي، لكنها تدعمت كاتجاهات ثقيلة بعد الحراك بشكل جلي. 
وأوضح جابي، في تصريح لـ"عربي 21"، أن في مقدمة هذا التوجه، الاعتقاد بأن الانتخابات لم تعد آلية للتغيير السياسي، وهي قناعة لم تكن منتشرة، حسبه،  إلا بشكل محدود عند سكان المدن الكبرى والشباب ومنطقة القبائل، لكنها انتشرت بعد الحراك لدى أغلبية المواطنين في كل مناطق البلاد من بينها المدن الصغيرة والهضاب العليا والجنوب.


وأضاف المتحدث، أن هذا المزاج السياسي العام، هو الذي يفسر كيف توسع عدم الاكتراث بالانتخابات، إلى الانتخابات المحلية بعد التشريعية والرئاسية، ما يشير حسبه إلى تولد مزاج عام بعد الحراك الشعبي الذي عاشه المجتمع الجزائري بقوة خلال أكثر من سنتين، وعبر  من خلاله عن أحسن ما هو موجود في المجتمع من قيم وتطلعات.


التعليقات (2)
ناقد لا حاقد
الإثنين، 18-10-2021 02:05 م
مادام العسكر مستولين على السلطة فلن تكون هناك أي تنمية أو حرية تعبير أو عدالة ...العسكر و اقصد عصابة الجنرالات المجرمة التي عاثت لي البلاد فسادا ....لا انتخابات مع العصابات لا لدولة الجنرالات ...لا للمعتقلات لا للثكنات ....
امازيغي
الإثنين، 18-10-2021 06:09 ص
؛ إن هذه الانتخابات ستكون أسوأ انتخابات محلية في تاريخ البلاد.هذا مايقوله حمدادوش : ياسي حمدادوش انتخابات مزورة مسبقا وتباع وتشترى بالمال الحرام لاولاد الحرام فابعدوا ابناءكم ومناصريكم عن الحرام لان الذي يشرف على الانتخابات ابناء الحرام

خبر عاجل