ملفات وتقارير

هل أصبح التقارب المصري التركي ضرورة لا اختيار؟

محاولات حثيثة لإعادة تشكيل العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والإمارات ومصر من جهة وتركيا من جهة أخرى- جيتي
محاولات حثيثة لإعادة تشكيل العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والإمارات ومصر من جهة وتركيا من جهة أخرى- جيتي

تتجه الأنظار في منطقة الشرق الأوسط، إلى المحاولات الحثيثة لإعادة تشكيل العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والإمارات ومصر من جهة وتركيا من جهة أخرى، بعد سنوات من الحملات الإعلامية المتبادلة والقطيعة السياسية، لكن التحركات الدبلوماسية تشير إلى اقتراب رتق الخلافات القديمة.

على الرغم من أن وتيرة إعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة تسير بشكل بطيء منذ الحديث عن فتح قنوات للاتصال بين البلدين العام الماضي، وتحديدا بعد فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، ورغبة الأخير في إعادة ضبط تحالفات بلاده في المنطقة في مواجهة روسيا والصين.


لكنْ، هناك اتفاق، بحسب مصادر مطلعة على المباحثات، على الوصول إلى حزمة من التفاهمات بين البلدين لرفع مستوى المباحثات الرسمية إلى مستوى وزاري، وإعادة بناء العلاقات بما يخدم مصالحهما، دون المساس باتفاقيات مصر مع دول الجوار في البحر المتوسط مثل اليونان وقبرص.

ورغم ما أثير عن مطالب مصر بشأن المعارضة المصرية وتسليم بعض القيادات هناك، استبعدت المصادر في حديثها لـ"عربي21": "استمرار تمسك القاهرة بهذا الطلب، مؤكدة أنه يأتي ضمن رفع سقف المطالب المصرية، للحصول على مكاسب أخرى في ملفات مهمة مثل الملف الليبي".

ماذا وراء تطور العلاقات؟

وأكد أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، ما ذكرته المصادر بأن "ملف المعارضة المصرية في تركيا، هو ملف يتم استخدامه إعلاميا من جانب النظام في مصر، لرفع سقف المطالب تجاه تركيا"، مشيرا إلى أن "النظام المصري لا يعنيه بأي حال من الأحوال المصالح الاستراتيجية التي تربط بين الدولتين، ولكن الهدف الرئيس هو صورته الذهنية، ومعاركه الإعلامية، والسعي نحو تعزيز شرعيته السياسية".


وقال خبير العلاقات الدولية، في حديثه لـ"عربي21"؛ إن التطورات في العلاقات بدأت في أعقاب وصول بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة، والرسائل الضمنية، المباشرة وغير المباشرة، التي وجهتها الإدارة الأمريكية الجديدة لكل الأطراف في منطقة الشرق الأوسط، بتهدئة الخلافات والصراعات البينية، في إطار حشد الجهود والطاقات في مواجهة روسيا والصين، واتساقا مع السياسة الأمريكية الراهنة تجاه المنطقة وملفاتها الأساسية".

وانتهت الجولة الثانية من المباحثات بين القاهرة وأنقرة، الأربعاء، بصدور بيان مشترك أفاد بأنهما تناولا "قضايا ثنائية، وعددا من الموضوعات الإقليمية، واتفقا على مواصلة المشاورات وتأكيد رغبتهما في تحقيق تقدم بالموضوعات محل النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين".

مفتاح التقارب والتطبيع

واعتبر الباحث والكاتب الخليجي في القضايا الاستراتيجية، عادل العبد الله، أن كلمة السر: "هي إيران وأفغانستان، لافتا إلى أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ومحاصرة دول الخليج بعد هزيمة السعودية في اليمن أمام مليشا إيران، وامتداد النفوذ الإيراني للعراق وسوريا ولبنان، دفع باتجاه ردم الخلافات البينية".

وأوضح لـ"عربي21" أن "تركيز الأمريكان منصب على بحر الصين ومواجهة التهديد الصيني الروسي الإيراني، ولا يكتمل هذا التركيز إلا بإعادة ترتيب الأوراق بين اللاعبين في المنطقة، وهم تركيا ومصر والسعودية، وهناك قناعة لدى واشنطن أن إسرائيل وحدها قوة غير كافية في المنطقة".

وتوقع العبد الله أن "تشهد الأيام المقبلة تسارعا في وتيرة هذا التقارب لحاجة الجميع إلى تركيا، التي تحتفظ بعلاقات متوازنة أيضا مع روسيا وإيران، وعليه إذا لم يحدث هذا التحالف على المستوى الاستخباراتي والعسكري والسياسي والاقتصادي ستصبح الكفة لصالح إيران، وهو ما قد يهدد دول الخليج ومستقبلها".

تطبيع على المحك

ويرى خبير العلاقات المصرية – التركية والمحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة صقاريا التركية، محمد زواوي، أن "هناك اتفاقا ضمنيا بين الجانبين على إنجاح المباحثات المصرية التركية وتطبيع العلاقات بصورة براغماتية، مؤكدا أن العلاقة لن تكون علاقة تحالف وثيق، ولكنها علاقة تحالف تكتيكي يمكن أن يتغير في أي لحظة، نظرا لاختلاف الطبيعة السياسية للنظامين، وكذلك أهداف السياسة الخارجية لكل منهما".

وأضاف لـ"عربي21": "لكن توافق الطرفين على حد أدنى من المشتركات، يمكن أن يصب في مصلحة تدعيم ذلك التقارب التكتيكي على المدى القريب؛ حيث إن كلا من أنقرة والقاهرة يحتاجان بعضهما إلى بعض في عدة ملفات؛ في شرق المتوسط وفي ليبيا وفي التعامل مع الإسلام السياسي"، مشيرا إلى أن "التسارع في وتيرة التقارب يتأثر سلبا وإيجابا بالمعطيات في شرق المتوسط على وجه التحديد، بالنظر إلى المشروعات المتعلقة بالغاز وإما ذاته".

منعطفات في الطريق للتطبيع

وأعرب المحلل السياسي والخبير الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، عن اعتقاده بأن "تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة بحاجة إلى المزيد من الوقت، لكن الجولة الثانية تؤكد أن هناك نوايا ورغبة لتجاوز الخلافات والتركيز على الملفات المشتركة بينهما، لكن لا تزال هناك نقاط خلاف تطرح على الطاولة، وأتوقع عقد جولة ثالثة قبل نهاية العام".

المحاور الأساسية في المباحثات، بحسب تصريحات أوغلو لـ "عربي21" هي العلاقات الثنائية والعلاقات الإقليمية، في الملف الأول ترتيب الأولويات لدى تركيا يختلف عن مصر التي تريد الارتقاء بالتمثيل الدبلوماسي وإعادة السفراء، بينما مصر تريد الضغط بقوة على أن يكون هناك لقاء بين هرمي السلطة والاعتراف بشكل مباشر بالسيسي من قبل الحكومة التركية".

وتابع: "أما المحور الثاني؛ أولويات تركيا هو ترسيم الحدود البحرية مع مصر بالإضافة إلى التعاون في الملف الليبي، لكن في مصر يظهر الطلب بتسليم معارضين مصريين في غير محله، وهو غير وارد لدى تركيا، إضافة إلى ادعاءات القاهرة بتدخل تركيا في شؤون دول الجوار".

 

التعليقات (0)