آراء ثقافية

"شاوشانيك الفلسطيني".. الشمس تشرق من جديد

 لا عجب أن يمتلئ التايم لاين بصور وميمات تستدعي مشاهد من فيلم "الخلاص من شاوشانك" فرحا بما صنعه الأسرى الأبطال- الأناضول
لا عجب أن يمتلئ التايم لاين بصور وميمات تستدعي مشاهد من فيلم "الخلاص من شاوشانك" فرحا بما صنعه الأسرى الأبطال- الأناضول

منذ سنوات، يخيم شعور بالعار على محبي الحرية العرب. ثمة انسحاق سياسي أمام الكيان الصهيوني، لا يتورع عنه كثير من الزعماء العرب. ثمة رئيس أمريكي بغيض تفنن في استرضاء إسرائيل مثلما تفنن في إشعال النزعات العنصرية التي حرمته، والحمد لله، من فترة رئاسة ثانية.


منذ سنوات يطالع العربي الذي يحب الحرية أفلاما عن الحرية، ويقرأ روايات تغازلها، ويستمع إلى أغان من التي دندنتها الجماهير التي نزلت إلى الشوارع تنشد حريتها أثناء الربيع العربي، الذي أصرت الأنظمة القمعية على تحويله إلى شتاء قارس، يتجمد شبابه في الزنازين المظلمة الباردة، ويموتون تحت وطأة التعذيب وسوء المعاملة والإعدامات الجماعية، التي لا تستوفي أدنى شروط العدالة الجنائية. 


منذ سنوات، وحدها فلسطين تصنع واقعا فنيا، خياليا، ينتمي للحرية. الأحداث كثيرة، بدءا بمسيرات ذكرى النكبة وتأسيس إسرائيل، مرورا بملحمة الشيخ جراح... وانتهاء بمفارقة سينمائية مذهلة؛ "شاوشانيك الفلسطيني".


يقول نقاد السينما إن السينما تقدم مساحة هائلة للخيال؛ لخلق عوالم موازية، ينتصر فيها العدل والخير، نقيضا للواقع الممتلئ بالظلم والشر، لكن ما فعله الأسرى الأبطال كان العكس تماما؛ إبداع عالم رائع، يفيض حرية، في قلب الواقع المقرف المريض، بل في أشد أمثلة الواقع عنصرية وإجراما.


لذلك، لا عجب أن يمتلئ التايم لاين بصور وميمات تستدعي مشاهد من فيلم "الخلاص من شاوشانك" فرحا بما صنعه الأسرى الأبطال. فما أكثر التقاطعات الواضحة بين الواقع الذي أبدعه الأسرى والطبيعة السينمائية للفيلم. لذلك كانت نظرة آمر السجن في الفيلم إذ يحدق في فراغ النفق الذي حفره البطل الهارب، معادلا موضوعيا لنظرات الضباط الإسرائيليين المبهوتين حول الفتحة الصغيرة في الغابة. هكذا سارع الجمهور العربي لاستدعائها؛ تلك النظرة البلهاء الممتعة، التي ترينا كيف يتهاوى كبرياء السفاحين على أيدي ضحاياهم العزل.


الذين ذاقوا مرارات السجن يعرفون كيف يقضي على إنسانية السجين وحبه للحياة وأحلامه. كان من مجاز فيلم شاوشانك أن البطل، الموقن ببراءته، لم ينكسر أمام ظلم آمر السجن، الذي لا يقارن بحال من الأحوال بظلم الكيان الصهيوني. وكان من مجاز الواقع الفلسطيني أن شبابا دخلوا سجن الاحتلال في أوائل العشرينيات ومكثوا فيه سنوات بلغت ربع قرن أحيانا، حتى قضوا شبابهم كله في عتمة السجن، لكنهم لم يستسلموا أبدا.. أي عشق للحرية ذاك؟!


ثمة تقاطعات مذهلة بين الفيلم الأمريكي والواقع الفلسطيني. ثمة صبر يكاد يُعجز البشر وذكاء وبراعة يعز نظيرهما، أيضا كانت مواسير الصرف حاضرة في الحالتين؛ استثمرها بطل الفيلم في مفارقة ذكية تشير إلى أن الوصول للحرية ثمنه تحمل أوضار الصرف الصحي، وهذا بالضبط ما غامر به الأسرى الشجعان، حيث حفروا أسفل الحوض أو المرحاض، وتظهر مواسير الصرف واضحة في الصور التي نشرتها الصحف، مما قد يشي بأنهم زحفوا عليها حتى خرجوا.


في الفيلم نشاهد البطل في غابة وارفة الأشجار، تحت شمس ربيعية مشمسة، يخبئ لزميله السجين مالا يناله حين يخرج، كما يبصر النهر والمساحات الخضراء فور خروجه من فتحة النفق، بينما في صور الأخبار ثمة أحراش ومزارع محيطة بالفتحة التي خرج منها الأسرى، بل إن الاحتلال نفسه ساهم في صنع روعة المشهد حين نشرت صحافته صور الجنود المذهولين حول الفتحة بينما الشمس تشرق وراءهم تماما. ثمة شمس للحرية حقيقة لا مجازا!


بل يبدو الواقع الفلسطيني أخصب خيالا من الفيلم أحيانا. فالظلم الذي توقعه إسرائيل على الأسرى لا يكاد يقارن بما اقترفه آمر السجن بحق البطل، ووقاحة سلطة الاحتلال وتفاخرها بمنعة سجنها لا نظير لهما في الفيلم، كما أن طول مدة سجن الأسرى الأبطال لا تقارن أيضا بالفترة التي قضاها البطل في السجن قبل فراره...


ثمة تفاصيل كثيرة تشغل الذهن حد الإرباك. لو أن مخرجا فلسطينيا قرر أن ينافس فيلم شاوشانك بفيلم فلسطيني، لما جرؤ على اجتراح هذه التفاصيل كلها، لأنها ستبدو غير واقعية على نحو مضحك؛ كيف يقنعنا السيناريست بأن ستة رجال، (دخل بعضهم السجن في العشرين من عمره، منذ ربع قرن)، لم ينهزموا بل ناضلوا حتى انتزعوا حريتهم من سجن مخيف كجلبوع هذا، ثم نكتشف أن الرجال الستة خططوا للهرب منذ سنوات، وعرفت إدارة السجن بالأمر ففرقت بينهم وعاقبتهم، لكنهم لم ييأسوا وأعادوا الكرة.


يردد المصريون مصطلحا طريفا "الضرب على القفا" تعبيرا عن المهانة الشديدة المرتبطة بالغباء. لذلك لو أن مخرجا قرر توظيف هذه التفاصيل كلها لقال أكثر المشاهدين إن الفيلم هو مجرد ضرب على قفا الاحتلال، وربما شعر كثيرون بالمبالغة في هذه التوليفة الغريبة من الملابسات، لولا أن الواقع الفلسطيني هزم الخيال فعلا لا مجازا.


واستكمالا لهذه الطبيعة السينمائية للواقع الفلسطيني، أنقل هنا قول السيد بدر عثمان عن زميل دراسته السابق، زكريا الزبيدي أحد الأسرى الأحرار:


"بدأنا، تقريبا في الفصل ذاته، بتحضير مقترح الرسالة. ولازمتنا ثنائيتان مختلفتان؛ ثنائية الصياد والتنين بالنسبة له، وثنائية الحاضرة الأوروبية والقرية العربية بالنسبة لي. وبينما كان يكتب هو عن تجربة المطاردة... وأنا عن الشعر... كانت تتخلق ثنائية جديدة؛ بين محاولتي اشتقاق تعريف جديد للأسطورة في الشعر بكونها: واقع الخيال، وبين نجاحه في تطبيق هذا التعريف اليوم صباحا من سجن جلبوع إلى البلاد. هكذا تتحول الأشياء؛ الواقع يصبح تراجيديا، والشعر يصبح قليلا على المعنى".


وأضيف إلى ذلك كله، تاريخ الزبيدي الشخصي في هروبه من قوات الاحتلال على مدى سنوات طويلة في مطاردات لا تنتهي. وحين سلم نفسه واعتقل، هرب من السجن بهذه الطريقة.


أي خيال أخصب من هذا الرجل الذي يدرس المطاردة دراسة نظرية ثم يأتي لينتصر بها في الواقع. ألا يبدو لنا هذا السيناريو مبالغا فيه بعض الشيء؟ تلك فلسطين وذاك واقعها الخيالي!


التعليقات (1)
نسيت إسمي
الثلاثاء، 07-09-2021 12:26 م
'' الهروب الكبير '' هوليوود بنكهة فلسطنيية واقعية هروب 6 أسرى فلسطنيين من سجن جلبوع شديد الحراسة في إسرائيل إنها أسطورة السعادة عند السجين في معانقة الحرية ، و عند المظلوم في تحقيق العدل و الإنصاف و رد الإعتبار ، و البعض يقسمها إلى سعادة دنيوية و سعادة آخروية إلى الإيمان و الرضا بقدر الله .( من أسطورة أكشن لأسطورة أكشن أخرى ) .. سيلفستر ستالون و أرنولد شوارزينيجر من رامبو إلى أرنولد "خطة الهروب": الثنائي لا تنسى من سيلفستر ستالون وأرنولد شوارزنيجر الجهات الفاعلة في فيلم "خطة الهروب" البطل سيلفستر ستالون لديه مهنة غير عادية: يهرب من السجون مقابل المال. بتعبير أدق ، يعمل راي بريسلين في وكالة أمنية ويساعد على اختبار مستوى حماية السجون. هذا الشخص لديه موهبة نادرة للتحليل والتفكير المنطقي ، لذلك لا يوجد سجن لا يستطيع الخروج منه. بمجرد أن يحصل راي على عرض مغري من عملاء وكالة المخابرات المركزية. يقدمون رجلاً لاختبار سجن سري ، يحتوي على أخطر المجرمين في العالم. شروط العقد صارمة للغاية: يقدم Breslin "المقابر" في مجتمع السجناء ويترك لرعايته الخاصة. إذا لم يستطع راي النجاة ، فسيتعين عليه البقاء هناك وخدمته لفترة حقيقية. يوافق Breslin ، لأنه واثق في قدراته. لكنه لا يشك حتى في ما سوف تؤدي إليه هذه التجربة. هذا هو دسيسة في بداية الفيلم تدور على الجهات الفاعلة الشاشة. قدمت "خطة الهروب" فرصة لسيلفستر أداء ستالون في دور غير عادي لنفسه: عادة ما يلعب الممثل الشخصيات التي تتميز الخصائص الفيزيائية المتميزة ، ولكن ليس العقلية. يتذكر الجميع الأفلام بمشاركته "رامبو" و "روكي" و "ذا ريبندابلز". وهنا فجأة حصل ستالون على بطل فكري! أكثر إثارة للاهتمام لمراقبة سلوك الممثل في الإطار. في فيلم "خطة الهروب" الجهات الفاعلة أرنولد يلتقي شوارزنيجر وسيلفستر ستالون أولاً في الإطار في مشهد ساحة السجن. تعرض راي بريسلين لهجوم من قبل مجموعة محلية من المسلمين ، وقام إميل بإنقاذه من المذبحة. بين الرجال إقامة علاقات ودية ، إميل يقدم راي مساعدته. ثم يقدم Breslin طلبًا غريبًا: فهو يقترح الدخول في قتال ، بحيث يتم إرسال كل منهما إلى مركز الاحتجاز. سرعان ما يدرك روتماير أن صديقه يخطط للهروب ويتعهد بمساعدته. أرنولد شوارزنيجر هو شخص مشهور جدا في السينما: لعب في أفلام مثل "المنهي" ، "كونان البربري" ، "تذكر الكل" و "باتمان وروبن". أيضا ، تمكن شوارزنيجر من زيارة حاكم كاليفورنيا الثامن والثلاثين. ( الخلاص من '' شاوشانيك '' ) مفارقة مذهلة يقول «ريد» لـ «أندي»: «الأمل شيءٌ خطير.. الأمل يقود الرجل إلى الجنون» ولاحقاً «أندي» يقول لـ «ريد»: «تذكّر يا ريد أنّ الأمل هو شيءٌ عظيم، وقد يكون أعظم الأشياء، والأشياء العظيمة لا تموت أبداً».آندي وبعد 19 عاماً، من الأمل والبراعة والموهبة والشيطنة، يخرج حراً طليقاً ويغرق نفسه تحت وابل المطر، في مشهد آسر استحق دموع المشاهدين وتصفيقهم أيضاً، إنه فيلم ( THE shawshank Redemption ) الذي اتفقت عليه الأذواق التي تختلف في العادة، والفيلم الذي يمثل بجدارة أحد أشكال السينما حيث السحر الذي لا يخفت. ( هروب 2021 ) في 6 سبتمبر 2021، تمكن ستة فلسطينيين من الهرب من سجن گلبوع شديد الحراسة، وبقع في قرب بيسان، شمال إسرائيل، عبر نفق حفروه أسفل مغسلة، ويقال أنهم استخدموا ملاعق الطعام في الحفر. وأكدت تقارير أنهم بدءوا حفر النفق منذ عدة أشهر. ونشرت مصلحة السجون الإسرائيلية صورًا ومقاطع فيديو تظهر نفقًا ضيقًا حُفر أسفل مغسلة في حمام إحدى الزنزانات.[2] وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته "تساعد في ملاحقة السجناء الأمنيين الذين فروا من سجن جلبوع"، وأنه خصص طائرات للقيام بمهام المراقبة.[3] الجدير بالذكر أن تلك العملية تمت وسط حراسة مشددة؛ حوائط اسمنتية، وكلاب بولسية، ومراجعة للمسجونين كل أربع ساعات تقريبًا. وأمام التسارع في الأحداث وتناقل روايات لما وقع، سارعت مصلحة السجون الإسرائيلية إلى الكشف عن المعلومات الأولية بشأن كيفية حدوث عملية الهرب والإخفاق في اكتشافها أو إحباطها. وعند الساعة التاسعة من صباح اليوم الاثنين، أقرّت سلطة السجون الإسرائيلية واعترفت بأول الإخفاقات حين تم وضع 6 أسرى من جنين في غرفة مشتركة، وذلك خلافاً للإجراأت المعمول بها، حسب ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي أكدت أنه كان يحظر وضع الأسرى معا في زنزانة واحدة. وأظهرت المعلومات الأولية بشأن كواليس عملية الهروب والتفاصيل التي سمح بالكشف عنها أن الأسرى الستة تمكنوا من الهرب عبر خط المجاري الموجود بجوار زنزانتهم، وأنهم هربوا بواسطة فتحة اكتشفت أسفل المرحاض، وخرجوا منها باتجاه المنطقة الجنوبية من سجن "جلبوع"، وهي المنطقة المؤدية إلى السهول والأحراش.