كتاب عربي 21

يساريون وعلمانيون في جنازة الديمقراطية التونسية

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

في زحمة خطاب التحريض والشماتة الذي تابعناه إثر انقلاب قيس سعيّد على الدستور في تونس، استوقفني بيان ينطوي على قدر من الأهمية يتعلق بما جرى.


أفتح قوسا كي أشير إلى مصطلح "الإخونجية" الذي ستجده سائدا في مثل هذه المناسبات (مناسبة الاستهداف والشماتة)؛ في أوساط بينها جبال من التناقضات الفكرية والسياسية، إذ شاع استخدامه في أوساط تنظيم الدولة، وفي نقيضهم من ذات المرجعية الفكرية، أعني السلفية الجامية والمدخلية. ويستخدمه أيضا أبواق الأنظمة، وكذا يساريون وعلمانيون ومذهبيون وطائفيون وقوميون، وقد تجده عند آخرين من ألوان أخرى أيضا.


كل هذا الاستهداف، بجانب الشيطنة الإعلامية اليومية، لم يغيّر في حقيقة أن هذا التيار (الإخواني) ما يزال الأكثر حضورا دون منازع في شتى الدول العربية والإسلامية، وهذا تحديدا ما يصيب مرضى متلازمة "الإسلام السياسي" بالهستيريا.


البيان الذي أشرنا إليه في فاتحة المقال، كان لـ"حركة الاشتراكيين الثوريين" في مصر. بيان هاجم مواقف اليساريين والليبراليين في مصر من قرارات قيس سعيّد، الأمر الذي ينسحب بالضرورة على مواقف نظرائهم في الدول العربية الأخرى، بجانب الألوان الأخرى التي أشرنا إليها آنفا.


قالت الحركة في بيانها إن مواقفهم كانت: "مدفوعةٌ بالحماس للتخلّص من حزب النهضة الإسلامي؛ ليس بالنضال الجماهيري الذي يتحدّى أولئك القابعين في السلطة، بمن فيهم قيس سعيّد، والطبقة المستفيدة من السياسات الاقتصادية التي يعاني منها التونسيون، ولكن من خلال الإجهاز على آخر ما تبقّى من المكتسبات الديمقراطية للثورة التونسية".


دعك من عبارة "القابعين في السلطة"، لأن "النهضة" لم تأخذ شيئا ذا قيمة منها، وكانت بوصلتها الحفاظ على الثورة والديمقراطية، ولو بتنازلات؛ رفضنا بعضها. ولا تنسَ عمليات التعطيل اليومية التي كانت تديرها "الثورة المضادة"، بتواطؤ من سعيّد، وهدفها معروف للجميع.

 

أضف إلى ذلك بؤس الوضع الاقتصادي قبل "كورونا"، وتردّيه بعده.. دعك من ذلك كله، وتوقف فقط عند روحية البيان، التي تمثّل إدانة لمواقف أكثر اليساريين والليبراليين مما جرى، ولكلٍّ منهم سيرته في الانحياز للسلطة حين يكون الإسلاميون هم الهدف، ويكفي أن تتابع انحيازهم الأعمى لبشار، ثم إدانتهم لكل "ربيع العرب" لأجل عيونه، كي تدرك حقيقة الانتهازية والأحقاد الأيديولوجية التي تعشّش في عقولهم وتنهش ضمائرهم.


بقية البيان مهمة، إذا تذكّر هؤلاء بتجربة طازجة في مصر.


يقول: "مشكلة هذه الجدالات أنها من أجل رغبتها في التخلص من الإسلاميين في البرلمان، لا مانع لديها من العودة إلى سلطة مطلقة في يد الرئيس، وغلق باب الديمقراطية من الأساس، مع افتراض أن هذه الإجراءات الاستثنائية لقيس سعيّد ستكون الأخيرة من نوعها، ومن بعدها سيُفرش الطريق بالورود للقوى العلمانية!".


وأضاف: "كانت هذه الفكرة سائدة أيضا في مصر قبل وبعد انقلاب يوليو 2013.. أن تسمح القوى المدنية العلمانية بانتهاك الديمقراطية من خلال انقلاب عليها، في انتظار سراب الديمقراطية والتنوير من جعبة الديكتاتور! ما حدث معلومٌ للجميع، بدأ النظام بالإخوان فقط كبداية لحملات قمع غير مسبوقة من أجل إخلاء الساحة من أيِّ معارضة تُذكر. وهذه تجربةٌ نأمل ألا تتكرّر في تونس".


نذكّر للضرورة بأن التعميم خاطئ، والاستثناء موجود، وإن يكن محدودا، لا سيما أن الحركة صاحبة البيان جزء من اليسار، كما أن قوىً تونسية من ذات اللون، كانت لها مواقف مشرّفة.


ما ينبغي قوله تعليقا على البيان أيضا هو أن القوى إياها لم تؤيد الانقلاب في مصر لأنها كانت تؤمن أن هناك ديمقراطية وعلمانية قادمة، بل فعلت ذلك وهي تعي تماما طبيعة المسار التالي، لا سيما أنه مسار لا يحتاج إلى ذكاء وقدرات في التحليل كي يدركه المشتغلون في مضمار السياسة.


لقد فعلوا ذلك لأنهم يعتبرون الدكتاتورية أفضل بكثير من تعددية تمنح الإسلاميين حصة معتبرة، فضلا عن أن تمنحهم الغالبية، بل إن هذا هو جوهر خطابهم، حتى لو خلع الإسلاميون الكثير من قناعاتهم، أو ما شاع منها، وقبلوا حتى بصيغة أردوغان في ما يتعلق بالمنظومة الدينية والأخلاقية في المجتمع. وهنا نتذكّر لونا معروفا أحب أن أسميه "الليبروجامية"، أي بعض ليبرالية الخليج، والذين انحازوا لـ"ولي الأمر" ضد الإسلاميين، ولم يستثنوا "النهضة" الأقرب لطروحات أردوغان، مع العلم أن مطاردة الأخير تتم في خطابهم ليل نهار، وبلا توقف.


إنه الحقد الأيديولوجي، والحسد الأعمى الذي يتلبّس هؤلاء القوم، والذي يدفعهم للتحالف مع أبشع أنواع الدكتاتورية ضد الإسلاميين، مع العلم أنهم ليسوا متوافقين، أيضا، ولو تقدم تيار لحسده الآخرون. أما الأسوأ بين هؤلاء، فهم من تحرّكهم دوافع طائفية أو مذهبية في الجوهر، وإن حملوا أفكارا أخرى في المظهر.


لقد فضح "ربيع العرب" وتداعياته كثيرين من كل الألوان، لكن بعض الألوان، كانت فضيحتها من العيار الثقيل جدا، ومهما توسّلت من المبررات، فلن تستر عوراتها أبدا.


الأهم أن مسيرة الشعوب نحو الحرية والتحرر لن تتوقف عند نقطة واحدة، وهي ستعاود المحاولة، لكنها لن تعطي ثقتها لمن تحالفوا مع الدكتاتورية، ولن تسامحهم؛ لا على جرائمهم، ولا على تبريرهم للإجرام بحقها، مع أن أكثرهم آفلون قبل ذلك، وسيصبحون أكثر أفولا بعده.

3
التعليقات (3)
من سدني
الأحد، 08-08-2021 01:06 ص
سيناريو الانقلاب معد وجاهز وينفذ حسب المخطط الذي وضعه صاحب القرار الذي سيتم به تفتيت الدول الاسلاميه واحدة تلوى الاخرى وغداً نرى التعيس قيس يتهم النهضه بتاخر نزول المطر ويتهمها بموجات الحراره والبروده وبالغلاء وقلة الموارد وهم سبب اختفاء الاسماك من شواطئ تونس وانهم هم السبب بتاخير تونس من الوصول الى المريخ ونشر الجيوش التونسيه في المجرات وعوامل الفضاء وهذا برنامج موضوع وينفذ في كل بلاد المسلمين وهناك كلاب مبرمجه محقونه بشرائح تعمل ب (الريمونت كنترول ) على تنفيذ المخطط والهدف هو (الاسلام ) وحملته مع اختلاف مشاربهم وحتى الجاميه والصوفيه وباقي فرق التضليل هم على اجندة الترحيل والاستبدال الى حين الخضوع الى النظام العالمي الجديد والدين المستحدث الابراهيمي ولن ينتهي المطاف بتونس فهناك دول لازالت على القائمة.
adem
السبت، 07-08-2021 10:29 م
شكرا على جديّة الطرح ، المشكل أنّ كلّ من ذكرتهم بالاسم لم يكونوا إلّا أذرعا لأنظمة الاستبداد ولم يكونوا يوما غير ذلك ، المشكل ليس مع هؤلاء الكلاب و إنّما مع من يعاملهم على غير هذا الأساس من الإعلاميين و السياسيين الدّاعمين لحرية الشعوب و الاحتكام إلى الصندوق .
عامر عبد الحميد
السبت، 07-08-2021 05:25 م
اسلام عليكم دامت سعادتكم وحفظكم الله من كل سوء ومن كل داء ووباء اخي أن ما وقع في تونس ليس انقلاب بل حكمة وبرهان على تمتع الرئيس قيس سعيد من القانون وبقي يمهل جماعة النهضة لفترة طويلة وهو عارف بالفصل 80 من الدستور التونسي فهو لم يتطاول على أي انسان بالبرلمان رغم الاهانات التي كانت تصدر من بعظهم لقد ربما تابعتم المهازل التي كانت تقع بالبرلمان من حصان متواصل ووصل بهم الى العنف أن قيس سعيد وجد فالفصل 80 الذي صنعته النهضة من قبل الانتخابات الرئاسية فيه باب يسمح يتدخله واعلان ما اعلنه هذا ليس فيه أي تحدي للقانون بل هم صنعوه بانفسهم ولقد اظلهم الله عن هذا الفصل فلقد سحبوا من قبل جميع صلوحيات الرئيس المعتادة فالدستور. وحتى رئيس الحكومة الذي عينها قيس سعيد وقع تمييله وجلبه لجانبهم واصبحوا يصدرون الاوامر والتعينات مدعمة برئيس الحكومة وبقي الرئيس قيس سعيد في عزلة تامة. وهو يلاحظ من بعيد وعرضوا عليه قائمة جديدة باسم الوزراء المقترحين فما راعه ألا انهم فيهم من هو مطلوب للعدالة. ومنهم من هو له ديون للبنوك فلم يوافق على القائمة المعروضة عليه وتحدوه جميعا واعلنوها حكومة تسيير اعمال فلولا تلك البوابة 80. لن يجد سياتده أي باب للولوج والتحرك. واما في ما يخص اقالة القائد للجيوش الثلاثة ألا بعد ان وسمه اعترافا من قيس سعيد لاعماله وانحيازه بالجيوش الثلاثة. وهذا مال عنه تكريم وتوسيم من سيادته وعند اعلان قيس سعيد بغلق البرلمان قدم الغنوشي الى البرلمان وكان يريد الدخول ربما لمحو بقليل جرائمه هو ومجموعته ولكن الجيش الوطني كان فالقائمة الاولى للدفاع عن مكتسبات وممتلكات الدولة فسأله الغنوشي فتح الباب قائلا أنا تمثل هذا البلمان وأنا رئيسه. فرد عليه ذلك الجندي بكل ثيقة تامة فالنفس. وأنا حامي من حماة الدولة أركب سيارته واتصل بجميع النهضاويين الذين لهم معرفة بهم ومشاركينه فالاستلاء على اموال الشعب ولكنه بقي ليلتها ينتظر منهم القدوم ولكن خذلوه ألا بعض المسيرين الذين لم يقدروا على فعل أي شيء يذكر ومن الغد رجع الغنوشي الى باب المجلس النيابي. وكان يظن انه سيشعلها نارا عبر التواصل الاجتماعي. ولكنه وقع فالتسلل هذا هو الرئيس قيس سعيد. حفظه الله من كل سوء وهذا الغنوشي رئيس كتلة النهضة ومسيريها والمفسدة فالبلاد التي لم يسلم من تطاولها. اين من الادارات العمومية التونسية فهي كالاخطبوط. ولكن الله كان فالوجود فانقضنا قيس سعيد من ذلك الاخطبوط الشيطاني مع علمكم ان المجتمع التونسي غالبه أو لنقل من لم يتمتعوا بمناصب أو بارجاع الى اعمالهم. وشغلهم الذي اوقفوا عنه منذ 25 سنة مع تعويضات وترقيات ورواتب خيالية. هذه مجموعة النهضة ومسيريها التونسية فحذاري منهم ومن اعمالهم التي يخططون لفعلها فهم من قبل في زعامة بورقيبة. احرقوا المراكز الامنية واستعملوا ماء الفرق مشوهين به وجوه الامنيين وكل من اعترضهم. وفي ذلك الوقت خططوا لاسقاط طائرة رئيس الدولة الحبيب بورقيبة وكان متجها الى المغرب ولكن ظمير ظابط فالمطار بمطار قرطاج صحة ظميره واتصل والغيت الرحلة ووحدوا صواريخ مضادة للطائرات كانت منصوبة تترقب قدوم بورقيبة ووقع مسك جميع الرؤوس الخوامجية. النهضوية. في براكة الساحل. قرب الحمامات ووقع الحكم على الغنوشي بالاعدام ولكن بن على الوزير الاول الذي اطاح بحكمة بورقيبة لم ينفذ فيه الحكم وبقيت القيادات فالسجون واما الغنوشي فلقد وقع تهريبه الى بريطانيا وبقي هناك الى يوم الانقلاب التونسي على بن علي هذه تونس بلادي فلا تزيفوا الحقائق وان احتجتم لمعلومات اخرى تخص هذا الموضوع. فأنا تونسي اعتز بكل كلمة اقولها وانشرها. عاشت تونس عاااااش قيس سعيد محميا من الله ومن شعبه باذن الله

خبر عاجل