قضايا وآراء

لماذا قيس سعيد هو المسؤول أولا عن الكارثة؟!

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
شكلت محدودية صلاحيات الرئيس في الشأن الداخلي في النظام البرلماني المعدل الذي يحكم البلاد في تونس؛ هاجسا مؤرقا للأكاديمي والفقيه الدستوري قيس سعيد القادم للسلطة بـ 70 في المائة من أصوات الناخبين، بمن فيهم مؤيدو حركة النهضة التونسية.

لقد كان الانتقام من ذلك كارثيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث عطل - ولا زال - أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية التي تحتاج لمصادقة منه، سعيا لانتزاع صلاحيات لم يمنحها الدستور له وهو الفقيه به. وبات يصرف وقته وجهده في تخطيط رسائل وابتداع إجراءات سعيا لتغيير نظام الحكم في البلاد، والذي جاء به دستور 2014 بعد ثورة الياسمين في 2011.

بل إن هذا الاستنزاف الذي قام به سعيد في سبيل ذلك كان على حساب الدبلوماسية الخارجية للبلاد، والتي هي دستوريا تحت قيادته، فتراجع الحضور الدولي لتونس، ولم تتجاوز زياراته الخارجية خلال أكثر من سنة أصابع اليد الواحدة.
كان الانتقام من ذلك كارثيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث عطل - ولا زال - أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية التي تحتاج لمصادقة منه، سعيا لانتزاع صلاحيات لم يمنحها الدستور

ويُتهم سعيد في جملة ما يُتهم به في هذا السياق بعدد من القضايا؛ منها:

- تعطيل المصادقة على قانون تجريم تمجيد النظام السابق، والذي من المفترض به وضع لجام لأمثال عبير موسي.

- تعطيل دور الأمن الرئاسي - المعني بأمن البرلمان - بالتعامل مع المخالفات والفوضى التي من شأنها تعطيل جلسات البرلمان.

- وضع العصا في رحى التعديل الوزاري في البلاد.

- تكليف شخصية ليست عضوا في الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في البرلمان لتشكيل الحكومة.

- الامتناع عن الجلوس لمائدة الحوار مع فرقاء العملية السياسية في البلاد.

- الاستمرار بإطلاق تصريحات غامضة حول متآمرين وعابثين في البلاد دون تسميتهم، الأمر الذي أحدث بلبلة في البلاد.

- تعطيل تشكيل المحكمة الدستورية (عدد من الأحزاب في البلاد شريكة له بذلك).

- تفسير المادة 80 من الدستور بشكل خالفه به معظم الفقهاء الدستوريين، وعليه قام بتعطيل البرلمان وحل السلطة التنفيذية وحاول التدخل في سير القضاء.
تفسير المادة 80 من الدستور بشكل خالفه به معظم الفقهاء الدستوريين، وعليه قام بتعطيل البرلمان وحل السلطة التنفيذية وحاول التدخل في سير القضاء

- فرض حظرا للتجول ليلا ومنع للمظاهرات والتجمعات في الأماكن العامة منذ تعطيله مؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطيا في 25 من الشهر الماضي، رغم حديثه عن تمتعه بإرادة شعبية مؤيدة له.

- ملاحقة نواب ائتلاف الكرامة ومداهمة بيوت عدد منهم واعتقال آخرين، لولا تدخل القضاء العسكري بإيقاف هذه الحملة بعد ضغط عدد من المحامين.

- رغم خلفيته المدنية إلا أنه أحال للقضاء العسكري التعامل مع مخالفات مسجلة بحق عدد من النواب، وتندرج جميعها تحت باب حرية الرأي والتعبير.

- ترك الفاسدين وناهبي خيرات البلاد دون ملاحقة، رغم مرور أكثر من أسبوع على انقلابه على مؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطيا، ورغم حديثه عن قائمة لديه تضم 460 اسما منهم.

ما ذكرته أعلاه ليس صك براءة للنهضة ولا غيرها من الأحزاب المشاركة في العملية السياسية في تونس، ولكن إعادة لترتيب سلم الأولويات وإعطاء كل ذي حق حقه، فلا يمكن أن تكون النهضة التي لا ترأس الحكومة فضلا عن أنها ليس لديها أي وزير فيها؛ مسؤولة ما يجري.
رغم كارثة قيس سعيد ومن خلفه، إلا أن الستار لم يسدل بعد على الربيع العربي في تونس ولن يسدل، ونحن نتحدث عن شعب من أكثر الشعوب العربية ثقافة واطلاعا، وهو بالطبع لن يقبل العودة لحقبة الديكتاتورية والحزب الواحد

بل والأدهى أن محاولات رئيس الحكومة للتغيير أو التعديل كانت تصطدم بجدار الرفض الذي شكله الرئيس.

دول بعينها امتنعت عن تقديم ما كانت تقدمه قبل 2011 لتونس من قروض ومنح ومشاريع واستثمارات، والآن سارعت لتقول لقيس سعيد نحن معك وندعمك وأموالنا بين يديك! وهو يخرج إلى الإعلام مفاخرا بذلك. وحتى اللحظة لم يعلن أسماء من اتهمهم بشراء مشاغبين لافتعال مشاكل في الشارع - على حد زعمه -!!

قلت وأكرر رغم كارثة قيس سعيد ومن خلفه، إلا أن الستار لم يسدل بعد على الربيع العربي في تونس ولن يسدل، ونحن نتحدث عن شعب من أكثر الشعوب العربية ثقافة واطلاعا، وهو بالطبع لن يقبل العودة لحقبة الديكتاتورية والحزب الواحد، وسينفض عن أي شخص يحاول استغلال أزمته الاقتصادية حاليا لتمرير أجندته الشخصية.
التعليقات (1)
محمود عمر
الخميس، 28-10-2021 10:26 م
على الرغم من أن المقالة كتبت بعد أسبوع من الانقلاب، إلا أنها كانت على درجة كبيرة من الوعي والإلمام بالحالة التونسية.