قضايا وآراء

مصر "أحمد رمضان"

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
أن تخرج من قاعة آخر امتحان لك في دراستك الجامعية فتجد ممرا شرفيا مهيبا اصطف فيه مئات الطلبة على جانبي الطريق لتمر بينهم بين إطراء وتشجيع وتصفيق، لينتهي الموكب بممثلين عن الطلبة يقدمون لك هدايا كثيرة ثم يوثقون ذلك بمقطع فيديو وينشرونه، فينتشر انتشار النار بالهشيم ويصبح اسمك حديث منصات التواصل؛ ومع ذلك تتلقى ذلك كله بتواضع جم والحياء يتمثل على هيئتك وتسير خافضا عينيك وقد علا الاحمرار وجنتيك، فهذا دليل رقي وحسن خلق وحضور شخصية عز نظيرها في هذه الأيام.

وهذا ما حدث بالضبط مع الطالب المصري أحمد رمضان، خريج الصيدلة من إحدى الجامعات المصرية، تقديرا وعرفانا من زملائه لعطائه اللا محدود لهم فترة دراسته. أحمد رمضان غدا "ترند" منصات التواصل وضيفا مهما على وسائل الإعلام.

الأجمل في متابعتي للظهور الإعلامي لأحمد رمضان أنه يكرر عن قناعة جملة: أنا لم أفعل شيئا يستحق وهذا توفيق الله فقط. ففي الزمن الذي علت به القيم المادية وطغى به تفاخر الإنسان أمام أخيه الإنسان، تجد من يتواضع ويقلل من شأن عطائه لأنه باختصار إنسان قد أحسن أهله تربيته.

اللافت أن أحمد رمضان قد غاب عن برامج المذيعين التقليديين في مصر وحضر بقوة في الوجدان الشعبي ومنصات التواصل الاجتماعي، في صورة تعيد برمجة أولويات الشارع المصري، وتؤكد عدم تقاطع اهتماماته وإعجاباته مع ما تضج به قنوات التطبيل الرسمي.

أحمد رمضان أكد بعد ثماني سنوات من محاولات التضليل وضوح بوصلة عموم الناس والتفافهم حول أصحاب الخلق والدين، وهذا يظهر جليا في سمت وتعبيرات الشاب أحمد رمضان المجبولة على نسب كل ما قام به من فضل لله سبحانه وتعالى.

القصة من وجهة نظري أبعد من أحمد رمضان مع الاحترام والتقدير لشخصه؛ حيث أننا أمام حالة إعلامية يفرضها الواقع الجديد للسوشيال ميديا ولا تخضع لأجندات الأذرع الإعلامية، ويمكن للقصة المؤثرة أن تحظى بتفاعل الشارع وتغدو حديث الناس حتى لو أهملها المشاهير من أصحاب البرامج التلفزيونية. ليس هذا فحسب، بل إن هذه القصص تعمل مثل حجارة الدومينو وتشجع آخرين على نشر مواقف مماثلة وتدفعهم لتقليد ما استحسنوه، في ظل سيطرة الرويبضات على المشهد الإعلامي الرسمي.

هناك أكثر من أحمد رمضان في مجتمعاتنا داخل مصر وخارجها، غيّبهم الإعلام الرسمي وتجاهل قصصهم عن عمد، ولكن قيّض الله لهم بدائل أهم وأوسع انتشارا.

وإن كانت هناك من لفتة ينبغي الوقوف عليها فهي بتأكيد روح الخير والتدين الموجودة في فطرة ووجدان الشعب المصري الذي أنتج ولا زال ينتج أمثال أحمد رمضان، وأبرز أيضا زملاء له احتفلوا به وقاموا بشكر صنيعه على أكمل وجه.

رأيت في قصة أحمد رمضان شمعة مضيئة وسط حالة عامة من الإحباط والتيئيس، وأعتقد أن من الضروري التركيز على مثل هذه القصص والحالات للتأكيد على خيرية هذه الأمة والمعدن الطيب لأبنائها، حتى لو كانت الصورة الكلية خلاف ما نحب ونرغب.
التعليقات (0)