صحافة دولية

NYT: شكوك متزايدة تجاه إسرائيل داخل الحزب الديمقراطي

نيويورك تايمز: عدد متزايد من الديمقراطيين يقولون إنهم لم يعودوا مستعدين لغض الطرف عن معاملتها القاسية للفلسطينيين
نيويورك تايمز: عدد متزايد من الديمقراطيين يقولون إنهم لم يعودوا مستعدين لغض الطرف عن معاملتها القاسية للفلسطينيين

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين نيكولاس فاندوس وكاتي آدمنسون قالا فيه إن بيان الرئيس بايدن المصاغ بعناية يوم الاثنين، والذي يدعم وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين جاء وسط ضغوط متزايدة داخل حزبه لأن تتخذ أمريكا موقفا أكثر تشككا تجاه أحد أقرب حلفائها.

وجاء حث بايدن على وقف القتال -مدسوسا في نهاية ملخص مكالمة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إسرائيل- بعد نداءات متكررة من المشرعين الديمقراطيين من مختلف ألوان الطيف الأيديولوجي لإدارته للتحدث بحزم ضد تصعيد العنف. لقد عكس نبرة مختلفة عن تلك التي كان يطلقها أعضاء الكونغرس خلال الاشتباكات السابقة في المنطقة، حيث كان يكرر معظم الديمقراطيين دعمهم القوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ويدعون إلى السلام، دون انتقاد أفعالها علانية.

إن الدفع هو الأقوى من الجناح التقدمي النشط للحزب، الذي لفت ممثلوه في مجلس النواب، مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز من نيويورك، الانتباه في الأيام الأخيرة لاتهام إسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين وإدارة "نظام فصل عنصري". لكن شدته حجبت تحولا أكثر هدوءا وتضافرا داخل التيار الرئيسي من الديمقراطيين والذي قد يكون في النهاية أكثر أهمية.

على الرغم من عدم وجود نية لديهم لإنهاء تحالف أمريكا الوثيق مع إسرائيل، إلا أن عددا متزايدا من الديمقراطيين في واشنطن يقولون إنهم لم يعودوا مستعدين لغض الطرف عن معاملتها القاسية للفلسطينيين ونوبات العنف التي حددت شكل الصراع لسنوات.

ما يبرز مدى انتشار الشكوك حول الحملة في غزة حتى وصل إلى بعض أقوى المدافعين عن إسرائيل في الكونغرس مثل النائب غريغوري ميكس من نيويورك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، للديمقراطيين والذي أخبر اللجنة يوم الاثنين أنه سيطلب من إدارة بايدن أن تؤجل 735 مليون دولار من الأسلحة الموجهة بدقة لإسرائيل والتي تمت الموافقة عليها قبل أن تتفاقم التوترات في الشرق الأوسط.

عقد ميكس، الذي يحضر دائما المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "إيباك" أقوى مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل، اجتماعا طارئا للديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية ليلة الاثنين لمناقشة تأخير صفقة الأسلحة، وفقا لشخص مطلع على الاجتماع أصر على عدم الكشف عن هويته للحديث عن المناقشات الداخلية. جاء ذلك بعد أن أثار عدد من الديمقراطيين مخاوف بشأن إرسال أسلحة أمريكية الصنع إلى إسرائيل في وقت تقصف فيه المدنيين، بالإضافة إلى مبنى يضم وسائل إعلام من بينها وكالة أنباء أسوشييتد برس الأمريكية.

قبل ذلك بيوم واحد، قام 28 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين -أكثر من نصف الكتلة الحزبية للحزب- بكتابة خطاب يدعون علنا إلى وقف إطلاق النار. قاد هذه الجهود السيناتور جون أوسوف، الديمقراطي من جورجيا (34 عاما)، ويعتبر وجها جديدا من اليهود الأمريكيين في الكونغرس. وبينما كان الجمهوريون يضخون تصريحات يلومون فيها بشكل مباشر مقاتلي حماس، ألقت دعوة الديمقراطيين العبء على كلا الجانبين لإلقاء أسلحتهم، وعلى بايدن للتدخل للمطالبة بذلك.

ظهرت علامة أخرى على التطور خلال عطلة نهاية الأسبوع من السيناتور بوب مينينديز، الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية. يُعرف مينينديز بأنه أحد أكثر حلفاء إسرائيل ثباتا في الحزب الديمقراطي، والذي خالفه لمعارضة اتفاق الرئيس باراك أوباما النووي لعام 2015 مع إيران على أساس المعارضة الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإنه يوم السبت، مع ارتفاع عدد القتلى في غزة وجنوب إسرائيل، أصدر مينينديز بيانا صارما قال فيه إنه "منزعج للغاية" من الضربات الإسرائيلية التي قتلت مدنيين فلسطينيين والبرج الذي يضم وسائل إعلام إخبارية. وطالب الجانبين "باحترام قواعد وقوانين الحرب" والتوصل إلى نهاية سلمية للقتال الذي أودى بحياة أكثر من 200 فلسطيني و10 إسرائيليين.

وقال مينينديز: "ردا على آلاف الهجمات الصاروخية التي أطلقتها حماس على المدنيين، فإن لإسرائيل كل الحق في الدفاع عن النفس ضد الإرهابيين الملتزمين بمحوها عن الخريطة.. ولكن مهما كان هذا التهديد خطيرا وحقيقيا، فقد اعتقدت دائما أن قوة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية تزدهر عندما تقوم على القيم المشتركة للديمقراطية والحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وحكم قانون".

قال الديمقراطيون الذين كانوا أكثر شدة في انتقادهم للحكومة الإسرائيلية إنهم قصدوا إرسال رسالة إلى الرئيس وهو يفكر في كيفية إدارة التوترات المتصاعدة: أن قواعد اللعب القديمة التي استخدمها بايدن كعضو في مجلس الشيوخ وكنائب للرئيس لم تعد تجد نفس الدعم في حزبه.

وقال النائب مارك بوكان، وهو ديمقراطي تقدمي من ويسكونسن في مقابلة يوم الاثنين إنه قال لكبير مستشاري بايدن أواخر الأسبوع الماضي: "لم ينجح ذلك.. سوف ندافع عن السلام بطريقة ربما لم يسمعوها من قبل".

سارع الجمهوريون و"إيباك" إلى التحذير من أي إضعاف محسوس لالتزام أمريكا تجاه إسرائيل. عندما قاد النائب جيرولد نادلر من نيويورك، الذي يمثل أكثر الدوائر كثافة يهودية في البلاد، مجموعة من 12 يهوديا من الديمقراطيين في مجلس النواب في رسالة يوم الجمعة، وقف إلى جانب إسرائيل، لكنه قال أيضا إن الفلسطينيين "يجب أن يعلموا أن الشعب الأمريكي يقدر حياتهم كما نقدر حياة الإسرائيليين"، ولكن "إيباك" عملت بهدوء خلف الكواليس لثني المشرعين عن التوقيع.

ورأى الجمهوريون أيضا فرصة سياسية في محاولة استخدام التصريحات الأكثر تطرفا من الديمقراطيين التقدميين لمحاولة إبعاد الناخبين اليهود عن الحزب.

السيناتور ميتش ماكونيل من كنتاكي، زعيم الأقلية والمؤيد الصريح لإسرائيل، أدان أوكاسيو-كورتيز يوم الاثنين لوصفها لإسرائيل بأنها "دولة فصل عنصري" وحث الرئيس على "عدم ترك أي مجال للشك في موقف أمريكا".

قال ماكونيل: "تحتاج أمريكا إلى الوقوف تماما خلف حليفنا، ويجب على الرئيس بايدن أن يظل قويا ضد الأصوات المتزايدة داخل حزبه التي تخلق تكافؤا زائفا بين المعتدين الإرهابيين والدولة المسؤولة التي تدافع عن نفسها".

قلة من الديمقراطيين في الكونغرس ذهبوا إلى هذا الحد. لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، قام العديد من أعضاء الحزب بتعديل نهجهم.

يمكن إرجاع جزء كبير من التحول إلى الجدل حول الاتفاق النووي الإيراني، عندما بذل نتنياهو، زعيم اليمين الإسرائيلي، جهودا منسقة لإدراج نفسه في السياسة الداخلية الأمريكية لقتل الاتفاقية التي صاغها أوباما. لقد صور دعم الصفقة على أنه خيانة لإسرائيل وعمل على دق إسفين بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن هذه القضية. تحالف نتنياهو الوثيق مع دونالد ترامب، لم يؤد إلا إلى تعميق هذا الانقسام الحزبي.

لكن الاختلاف في النبرة يعكس أيضا تحولا أوسع بين الحزب الديمقراطي على مدى العقد الماضي. نظرا لأن الناخبين الديمقراطيين والليبراليين أصبحوا أكثر تنظيما بوعي ذاتي حول مفاهيم مثل الإنصاف والتمييز المنهجي، فإن دفعهم من أجل مواقف سياسية أكثر ليبرالية بشأن الهجرة والشرطة والعنف المسلح في الداخل قد أعاد تشكيل الطريقة التي ينظر بها الكثيرون إلى الصراع في الشرق الأوسط و العنف الذي أنتجته.

قال جيريمي بن عامي، رئيس J Street، وهي مجموعة ليبرالية مؤيدة لإسرائيل عملت لسنوات لنقل النقاش كقوة موازنة للجنة AIPAC، إن الدعم التلقائي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها أو دعوات إسرائيل والسلطة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات ينظر إليها الآن من قبل العديد من اليساريين على أنها "المعادل اللغوي للقول ’مشاعرنا ودعواتنا لضحايا إطلاق النار الجماعي الأخير'".

وقال في مقابلة: "هذا لم يعد جيدا بما فيه الكفاية.. ما تفعله أمريكا يرقى بشكل أساسي إلى حصانة دولية لإسرائيل".

وظهر ذلك جليا الأسبوع الماضي بعد أن هاجمت أوكاسيو-كورتيز المرشح الرئيسي في سباق رئاسة بلدية مدينة نيويورك، أندرو يانغ، لإصداره بيانا الأسبوع الماضي بعنوان "الوقوف إلى جانب شعب إسرائيل".

وكتبت أوكاسيو-كورتيز على "تويتر": "من المخزي تماما أن يحاول يانغ المشاركة في مناسبة العيد بعد إرسال بيان صادم لدعم الضربة التي أسفرت عن مقتل 9 أطفال".. (أصدر يانغ في وقت لاحق بيانا جديدا قال فيه إن الأول كان "مفرطا في التبسيط و فشل في الاعتراف بالألم والمعاناة على كلا الجانبين").

وقد ترك ذلك بعض الحلفاء التقليديين الأكثر دفاعا عن إسرائيل في الحزب في موقف حرج.

وإدراكا للتيارات المتقاطعة في حزبه وولايته، حيث يواجه إعادة انتخابه العام المقبل، التزم السيناتور تشاك شومر من نيويورك، زعيم الأغلبية، الصمت إلى حد كبير منذ اندلاع القتال. مثل مينينديز، صوت شومر ضد الاتفاق النووي الإيراني، وهو يمثل أكبر عدد من السكان اليهود في البلاد، بدءا من التقدميين العلمانيين إلى المجتمعات الأرثوذكسية المحافظة سياسيا.

وردا على سؤال طرحه أحد المراسلين في مبنى الكابيتول يوم الاثنين، قال شومر: "أريد أن أرى وقف إطلاق النار يتم التوصل إليه بسرعة، وأن ينهي الخسائر في الأرواح".

 

اقرأ أيضا: موقع أمريكي ساخر يدعو الاحتلال لضرب مكاتبه خشية وجود حماس فيها

التعليقات (0)