صحافة دولية

FP: أحداث غزة والداخل المحتل فاجأت بايدن.. وهذا ما لديه

 فاجأت الحرب إدارة بايدن على حين غرة وردت بطريقة عفا عليها الزمن عبر التأكيد لإسرائيل دعمها الثابت لها- جيتي
فاجأت الحرب إدارة بايدن على حين غرة وردت بطريقة عفا عليها الزمن عبر التأكيد لإسرائيل دعمها الثابت لها- جيتي

قالت مجلة "فورين بوليسي"؛ إن إدارة جوزيف بايدن فوجئت بالأحداث الأخيرة في القدس وغزة والداخل المحتل، وخياراتها محدودة تجاه الفلسطينيين. 

 

وأشارت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن بايدن لا يريد المخاطرة بما يؤثر على خططه داخل أمريكا، فريما أراد المساعدة، لكنه ليس مستعدا لدفع الثمن.


وأضافت أن بايدن ربما أراد المساعدة لكنه ليس مستعدا لدفع الثمن، وأن الإدارة في أشهرها الأولى بدأت بشكل بطيء بتحديد معالم سياستها الخارجية من "إسرائيل" والفلسطينيين.

 

وكانت الوتيرة المحسوبة معبرة في حد ذاتها، ذلك أن الإدارة كانت تقوم بمواجهة الوباء والمشاكل الاقتصادية الناجمة عنه. وترك في هذا الموضوع كما في قضايا أخرى، دونالد ترامب الذي تخلى بفرح عن السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية لبايدن، هيكلا عظميا من المسؤولين العاملين في الشرق الأوسط والكثير من المشاكل التي تتكشف بالإضافة لعملية تقطيب واسعة.

 

ففي مذكرة نشرت في شباط/ فبراير بعنوان "إعادة ترتيب العلاقة الأمريكية- الفلسطينية والطريق للأمام"، اقترح فيها المسؤولون إعادة ضم "النسيج الرابط" الذي مزق في السنوات الماضية، وتأكيد حل الدولتين وإعادة الدعم للفلسطينيين.

 

واعتقد المسؤولون أن لديهم الكثير من الوقت للملمة ما تركه ترامب. وكانوا مخطئين، ذلك أن العنف اندلع مرة أخرى في المنطقة بطريقته المخيفة العادية والمرعبة الجديدة، وهذه المرة قام المستوطنون والحكومة الإسرائيلية بخلخلة الوضع القائم الهش من خلال التهديد بطرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، والهجوم على الفلسطينيين الذين تجمعوا في بوابة دمشق في القدس الشرقية المحتلة، ومن ثم على المصلين الذين تجمعوا للصلاة في المسجد الأقصى يوم الجمعة الأخيرة من رمضان.

 

ورد الفلسطينيون بطريقتهم ثم بدأت حماس بإطلاق الصواريخ على "إسرائيل"، التي ردت بغارات جوية وإرسال قوات برية. ومن هنا اندلعت الحرب لأول مرة منذ عام 2014 بطريقتها الطقسية الغريبة وشكلها الذي عادة ما تتخذه في المنطقة. 


وعليه، فقد فاجأت الحرب إدارة بايدن على حين غرة وردت بطريقة عفا عليها الزمن؛ عبر التأكيد لإسرائيل دعمها الثابت لها، والتعبير عن "القلق العظيم" من الطرد المستمر وتدمير البيوت في القدس الشرقية.  


ومع أن المسؤولين يعملون الآن مع مصر والأردن ودول الخليج لإنهاء العنف، إلا أن الرسالة المضمنة كانت: "ألا ترون أننا منشغلون ببناء البنية التحتية في البلاد؟"


وقالت المجلة؛ إن هذا شكل يظهر في تعامل الإدارة كما ذكرت سابقا عن سياسة اللاجئين، مع الأزمات، فهي تفكر بعمق وبطريقة متنورة في كل شيء، ولكن ليس بطريقة تسمح لهذه الأزمات أن تقف كعقبة أمام ما تقوم به من أشياء مهمة، تماما كما واجهت أزمة الحدود المفاجئة، التي أدت لرد أولي عبر عن تراجعها عن تعهداتها الأولى، ورفضت السماح للاجئين عبور الحدود. ولهذا كان رد فعلها على اندلاع الأعمال العدوانية في الشرق الأوسط هو التخلي عن تعهداتها بنتائج عادلة للفلسطينيين. 


ولم تكن مصادفة أن تختار الإدارة في كلا الحالتين مواجهة الرياح المعاكسة بشجاعة. وفي حالة اللاجئين اكتشفت الإدارة خطأها وصححته.


وفي الوضع الجديد غزة.. انتفاضة.. حرب..عصيان، فمن الباكر معرفة كيف ستتصرف الإدارة.


"ومن المؤكد ستنتهي الحرب كما انتهت الحروب الأخرى في غزة بعدما تسبب الطرفان بمعاناة كبيرة ضد بعضهما البعض، - مع أن إسرائيل ستكون المتسبب بالمعاناة الكبرى على غزة- ثم يعلن كل طرف الانتصار وينتهي الأمر".

 

لكن هذا لن يغير النزاع في داخل "إسرائيل" الذي وضع ولأول مرة اليهود ضد الفلسطينيين. وبالترافق مع التوترات المتزايدة في القدس الشرقية، فإن العنف الشخصي داخل المدن الإسرائيلية زاد من تشدد الطرفين وفاقم حالة الاستقطاب. وبدأت موجة العنف الجديدة من خلال مسيرة للغوغاء المتطرفين اليهود، الذين نظموا مسيرة داخل الأحياء العربية في القدس وهتفوا “الموت للعرب”. ولم يكن من المستحيل تخيل كيف قامت الدولة الإسرائيلية القومية بتحويل سكانها الفلسطينيين إلى مواطنين من الدرجة الثانية، تماما كما فعل ناريندرا مودي مع المسلمين في الهند.

 

وانتقدت هيومان رايتش ووتش واتهمت القيادة الإسرائيلية بارتكاب جرائم فصل عنصري (أبارتيد) في المناطق المحتلة. وفي استطلاع جرى في شباط/ فبراير، وصفت فيه غالبية الباحثين الأمريكيين في الشرق الأوسط الوضع الحالي في الضفة الغربية وغزة بأنه تعبير عن واقع الدولة الواحدة الشبيه بالأبارتيد، وهو الوضع الراهن. فالعرب في داخل إسرائيل يعيشون حياة أفضل من الذين يعيشون بالمناطق المحتلة، ولكنهم فقدوا الصبر في وضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

ومن هنا، فما يجب أن يقدمه الخارج بعد نهاية العنف أصبح ملحّا جدا. وفي هذا الإطار، فالطقوس التي مورست في الماضي كانت تقوم على دعوة المسؤولين الأمريكيين للهدوء، حتى يسمح باستئناف ما يطلق عليها العملية السلمية ثم يتبع ذلك لقاءات عبثية. 


فقد قضت "إسرائيل" عقودا وهي تقيم “حقائق على الأرض” وعلى شكل مستوطنات، جدران، وبنى تحتية حيوية بشكل يجعل من حل الدولتين أمرا مستحيلا من الناحية السياسية واللوجيستية. وعلى أية حال، لم يكن نتنياهو أو رئيس السلطة الوطنية محمود عباس مستعدين لتقديم التنازلات المؤلمة لتحقيق حل الدولتين. ولكن المحلل الإقليمي ناثان ثرول اقترح في بحث رائد عام 2014 أن “فرصة النجاح الجيدة لم تكن أبدا شرطا” للعملية السلمية. وأن المفاوضات “تقدم مكافأتها الخاصة بعيدا عن الأغراض الظاهرة”.

وواحد من المكافآت هو تخفيض مستوى العنف بشكل يسمح بالإصلاحات من أجل تحسين حياة الفلسطينيين.

 

وترى المجلة أن مهزلة عملية السلام انتهت بترامب الذي وعد بحل لا يمكن إلغاؤه، لينتهي بالدعوة إلى صيغة أخرجت الدولة الفلسطينية بل وإنهاء الدور التفاوضي للفلسطينيين. ومع أن بايدن اقترح في حملته الإنتخابية أنه قد يتقبل المحتوم، إلا أنه سيفعل هذا من أجل تحسين حياة الفلسطينيين وليس تهميشهم. ورغم تبنيه حل الدولتين وكذا مذكرة السياسة لوزارة الخارجية، إلا أنه كان داعما متحمسا لإسرائيل وعلى مدى العقود الماضية. وراقب بايدن، كنائب للرئيس، فشل وزيري خارجية هما هيلاري كلينتون وجون كيري في عملية السلام في الشرق الأوسط. وهو لا يريد أن يتحول لشهيد في عملية فاشلة أخرى. والكلام في البيت الأبيض: "لا نسعى هنا من أجل جائزة نوبل للسلام". والتزامك بحل الدولتين والتعهد بتحسين ظروف حياة الفلسطينيين، هي استراتيجية يمكن الدفاع عنها، ولكن كيف؟ 

 

فقد تعهدت إدارة بايدن بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وتأمل بإعادة فتح بعثة منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس، وكلاهما أغلقتا في عهد ترامب، والإدارة بحاجة أولا لمصادقة الكونغرس ثم موافقة إسرائيل. واقترحت مذكرة الخارجية الأمريكية افتتاح قنصلية في الأراضي الفلسطينية، وهي إجراءات جديرة بالاهتمام لكنها تظل متواضعة.

 

واقترح الخبير في معهد التقدم الأمريكي بريان كاتوليس التركيز على التنمية الاقتصادية، والضغط على إسرائيل لتوفير مزيد من الكهرباء والمياه للضفة الغربية وغزة، وعرض فتح مصالح تجارية في مستوطنات الضفة يمكن أن تسهم في نمو التجارة.

 

وقال كاتوليس؛ إن الدول العربية التي وقعت على اتفاقيات إبراهيم وتعهدت بالتعاون والحوار مع إسرائيل: الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، “وقفت متفرجة بشكل كبير”، ولكنها بدعم أمريكي قد تصبح مصدرا للدعم التقني والاقتصادي للفلسطينيين. ولن يحل هذا مشكلة الفصل العنصري، وأي محاولة لمعالجتها ستضع بايدن في صدام مع الكونغرس الذي يتمتع فيه نتنياهو بدعم أكبر من "إسرائيل".

 

ولا يستطيع بايدن تجنب التعاون مع "دول اتفاقيات إبراهيم" ومصر والأردن وربما قطر التي تتمتع كل منها بدرجة من التأثير على "إسرائيل" والفلسطينيين.

 

ومن بين أهدافه، يجب التركيز على رفع الحصار المر عن غزة وفتح خطوط الحركة داخل الضفة الغربية، وإنهاء عمليات الهدم وتقوية الحكم الذاتي الفلسطيني، ومعالجة مظالم العرب في إسرائيل وقمع عنف الجماعات المتطرفة التي يشترك بعضها في حكومة نتنياهو. 

 

ومن الصعب تحقيق أي من هذه الأهداف في الظروف العادية، وخلال فترة الاستقرار في أثناء ترامب، وهي تبدو مستحيلة بعد الصواريخ على المدن الإسرائيلية والعنف في المدن. وسيكون ميل عارم للقول: “ليس هذا ما كنا نفكر به من سياسة خارجية للطبقة المتوسطة”، ولكن كما تعلم الرئيس السابق باراك أوباما مستاء أن التخلي عن الشرق الأوسط ليس خيارا، فالتوتر بين القومية اليهودية المتصاعدة والفلسطينيين القلقين في الداخل والمناطق لم يعد مستداما. وقد يقرر بايدن استخدام بعض رأسماله السياسي الذي يقوم بتجميعه في بعض الأماكن التي يرغب بإنفاقه فيها.

التعليقات (0)