ملفات وتقارير

"عربي21" تلتقي أسرة المعتقل المصري الذي تعرض للاغتصاب

عبد الرحمن الشويخ من مواليد محافظة السويس 1991 كان عمره 23 عاما عندما اعتقل في 14 نوفمبر 2014
عبد الرحمن الشويخ من مواليد محافظة السويس 1991 كان عمره 23 عاما عندما اعتقل في 14 نوفمبر 2014

كشفت أسرة المعتقل المصري الشاب عبد الرحمن جمال متولي الشهير بعبد الرحمن الشويخ الذي كشف قبل أيام عن تعرضه لاعتداءات جنسية داخل أحد السجون المصرية، عن تدهور حالته الصحية بعد دخوله في إضراب عن الطعام.

وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21" أكدت أسرة المعتقل أن عبد الرحمن بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على ما تعرض له من جرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى أنه في حالة إعياء شديد.

وأكدت أنها تقدمت بشكوى إلى مأمور السجن بشأن واقعة الاغتصاب، والذي نفى حدوث مثل هذه الأمور داخل السجن، كما تقدمت ببلاغ للنيابة العامة والتي قررت استدعاء والدته في وقت لاحق لسماع أقوالها في البلاغ المقدم منها.

ونشرت والدة عبد الرحمن رسالته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الجمعة، وهي الرسالة التي أكد فيها تعرضه للاغتصاب بتعاون بين أحد المسجونين الجنائيين و10 من أفراد الأمن، على مرأى ومسمع مئات النزلاء.

وبحسب الرسالة، فقد وقعت الفاجعة بسجن المنيا (وسط الصعيد) في 6 نيسان/ أبريل الجاري، حيث تم تغمية عيني الضحية وتقييد يديه وقدميه، واغتصابه جماعيا بوحشية دون اكتراث لتوسله المتكرر.

واتهم الشويخ ضابطا يدعى "محمد محمدين" وأمين الشرطة عمران، والمخبرين حسين وأشرف، و6 عساكر من قوة السجن، مع المسيَّر الجنائي: علاء ناجي (أبوماندو) وآخرين بالاعتداء عليه بالضرب وهتك عرضه بمساعدة أفراد أمن السجن وبعض السجناء الجنائيين، بدعوى رفض "مسير عنبر الجنائيين".

وأكد عبد الرحمن الشويخ في رسالته تعرضه للتعذيب على يد أحد الجنائيين ونقله للحبس الانفرادي، وسرقة ما يصله من أموال في الأمانات، ويوم الواقعة لم ينجح استجداؤه لهم بعدما عروا جسده، واغتصبوه ووضعوه ساجدا تحت قدم المسير الجنائي.

وتاليا نص الحوار:

من هو عبد الرحمن الشويخ؟

عبد الرحمن جمال متولي إبراهيم المعروف بعبد الرحمن الشويخ من مواليد محافظة السويس في حزيران/ يونيو 1991، كان عمره 23 عاما عندما اعتقل في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، والآن أصبح عمره نحو 30 عاما.

هو واحد من بين ستة أشقاء، وهو أكبر الذكور، وليس أول من اعتقل في الأسرة، فقد سبقه والده الذي اعتقل لعامين في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2013، ثم اعتقل شقيقه الأصغر عمر لمدة ثلاث سنوات قبل أن يسافر للخارج منذ نحو ثلاث سنوات، وهناك أيضا عبد العزيز معتقل في سجن طرة بالقاهرة.

كيف كانت طفولته؟

تعرض عبد الرحمن لحادث سير مؤلم وهو في المرحلة الإعدادية تسبب له في قطع العصب السابع والثامن وشرخ في الجمجمة ولدينا تقارير بهذه الإصابات، لذلك هو شخص انطوائي لا يحب الاختلاط كثيرا، وكتوم وقليل الكلام، حتى أننا نستغرب كتابته الرسالة الأخيرة، وهو شخصية جادة ويحمل هموم أي مهموم سواء المتعلقة بأوضاع دينه ووطنه وأهله.

هل هناك أحداث تأثر بها في طفولته؟

كان يحب لعب كرة القدم ويشارك في أنشطة المدرسة عندما كان طالبا، وهناك واقعة شهيرة له عندما كان في الصف الرابع الابتدائي. في الأيام التالية لحادثة استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة عام 2000 ذهب إلى المدرسة وقام بتقطيع قميصه الأبيض ورسم عليه علم دولة الاحتلال وأحرقه في المدرسة أمام زملائه، وطالب زملاءه بالانضمام إليه.

بماذا كان يحلم وما هي طموحاته؟

طموحات عبد الرحمن هي انتشار الدعوة الدينية بين الناس وهدايتهم، وتحسين أحوال المجتمع وأوضاع الناس، ولذلك كان كثيرا ما يطلب أثناء زيارة والدته له شراء سبح ومصاحف ووضع بعض المال من أجل شراء هدايا لزملائه المحبوسين ودعوتهم للخير وعمل مطويات تتضمن أحاديث وأذكارا.

كان يتطلع لتحرير المسجد الأقصى مثل كل مسلم حر شريف يحب دينه، ورفع المظالم عن الشعوب العربية والإسلامية وتحقيق العدل بين الناس.

هل شارك في ثورة 25 يناير؟

شارك في أحداث 25 يناير 2011 منذ اليوم الأول مع شقيقيه الآخرين بمن فيهم عبد العزيز (معتقل حاليا في سجن طرة) وكان في الصف الأول الإعدادي، ثم حكم على عبد العزيز بـ15 عاما غيابيا وهو في الثاني ثانوي في السابعة عشر من عمره، وأنكر ضابط التحقيق معرفته به ورغم ذلك حكم عليه القاضي بـ6 سنوات ثم تم تخفيفها إلى 3 سنوات ثم تم تلفيق قضايا أخرى له.

كيف اعتقل؟

اعتقل فور خروجه من أداء الخدمة العسكرية من أمام المنزل ولم يحضر أحداث الفض التي تلت الانقلاب العسكري، ولكنه كان ينزل إلى الميدان في الإجازة وتم التحقيق معه وعمل قضية له وأخبروه أنهم قاموا بتصويره في الميدان بعد رصد زياراته له.

كان عبد الرحمن يبحث عن عمل من أجل مساعدة أسرته في تدبير مصروفات البيت بعد اعتقال والده وشقيقه عمر (طالب بجامعة الأزهر حينها) وواظب على المشاركة بالمظاهرات، ولكنه اعتقل من أمام المنزل في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، بعد اعتقاله ظل مختفيا قسريا بضعة أيام ولفقت له قضية زعمت التحريات أنه ألقي القبض عليه في مظاهرة بالمخالفة للحقيقة وشهادة الشهود.

ماذا عن الأحكام التي حكم بها؟

حكم عليه بالسجن عامين وغرامة ربع مليون جنيه بعد 26 يوما من اعتقاله، وهو أمر غريب لا يحدث، ولكن لم تكن هذه القضية الوحيدة، فبعد انتهاء القضية الأولى كان ينزل النيابات على ذمة قضايا أخرى وحصل على عدة أحكام أخرى 3 سنوات عسكري و3 سنوات مدني في يوم واحد، وقضايا أخرى حصل في إحداها على براءة وفي واحدة أخرى 5 سنوات ولكن ما تزال منظورة أمام النقض.

قضى رحلة طويلة بين السجون المصرية من الشمال للجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وعلمنا من أحد الذين كانوا محتجزين معه في مقر أمن الدولة أنه احتجز هناك فور اعتقاله عدة أيام وتعرض لأبشع أنواع التعذيب، وخرج من هناك بكسر في ذراعيه بسبب تعليقه من أجل الاعتراف بأشياء لم يفعلها وذكر أسماء آخرين وتعرض أيضا للتعذيب بالكهرباء.

أين تقطن الأسرة الآن؟

غادرت الأسرة التي لم يبق فيها غير الأم وأشقاء صغار محافظة السويس بعد تحذيرات من اعتزام الأجهزة الأمنية اعتقال من تبقى منها، فتركت المدينة إلى محافظة أخرى، ومنذ ذلك التاريخ لم تستطع العودة لزيارة رب الأسرة أو عبد الرحمن الذي ظل مع والده في سجن عتاقة بالسويس.

هل تعرض للتعذيب؟

خلال وجود عبد الرحمن في السجن من 20 تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى نيسان/ أبريل 2014 كان حراس السجن يصطحبونه معصوب العينين إلى مقر أمن الدولة من الساعة الثانية صباحا وحتى بعد الفجر ويشبعونه تعذيبا وضربا، ثم تم ترحيله لسجن وادي النطرون 1 (يقع على أطراف منخفض وادي النطرون بالقرب من مدينة السادات عند الكيلو 92 على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي).

كانت الأسرة تقوم بزيارته في وادي النطرون بشكل دوري، وهناك توقف التعذيب، ولكنه كان يشتكي من سلبية المعتقلين رغم وجود بعض الانتهاكات بحقهم، وكان يطالبهم بالإضراب أو الامتناع عن استلام التعيين (الوجبة).

ثم قاموا بتغريبه إلى سجن آخر هو سجن المنيا المركزي جنوب القاهرة مع آخرين في 4 شباط/ فبراير 2020 بسبب حملة تفتيش والعثور على متعلقات ممنوعة كبعض الهواتف، وتم توزيعهم على سجن الفيوم وأسيوط والمنيا، والزيارات هناك بعيدة جدا وصعبة وشاقة سواء في المسافة أو التعامل، هو العقرب الثاني ولكن الفرق أن هناك زيارة واحدة كل شهر.

الغريب أنه قبل تغريبهم تعرض عبد الرحمن لجميع أنواع العقوبات ومن المفترض أنها عقوبة واحدة، فتم حبسه انفراديا في الشتاء دون غطاء على البلاط 8 أيام، ثم قاموا بحرمانه من الزيارة لمدة شهر، وأخيرا حرروا له قضية في محكمة السادات.

ما قصة الرسالة؟

منذ آذار/ مارس الماضي منعوا الزيارات بدعوى انتشار فيروس كورونا قبل أن يستأنفوها في وقت لاحق، وأثناء الزيارة لا تسمح المسافة بينه وبين الزائر بالحديث ولا يسمع أحد الآخر إلا بالكاد، ولولا الرسالة التي سربها لم تكن الأسرة لتعرف ما تعرض له من انتهاكات.

حصلنا على الرسالة ثالث أيام رمضان وكان يوافق الخميس، وأكد خلال زيارته ما وقع له من اعتداءات جنسية بالإشارات والكلام، ويبدو أنه اضطر للحديث عن الأمر بعد أن فاض به الكيل رغم أنه إنسان كتوم لأبعد حد.

ماذا فعلت الأسرة بعد انتشار الرسالة؟

عند التوجه للضابط المسؤول في الصالة بما أخبر به عبد الرحمن، نفى أن يحدث مثل هذا الأمر في السجن، كما تم التوجه إلى مأمور السجن وإبلاغه بما جرى، ولكنه نفى أيضا وقوع أي حادث من هذا القبيل في السجن، وتم التأكيد له أن هذا الأمر صعب على النفس ولا يمكن الحديث عنه إلا إذا كان الأمر تجاوز كل الحدود ولا يطاق كما أنه صعب على أسرته تلقي مثل هذه الأخبار.

وأخيرا تم التوجه إلى النيابة العامة والتقدم بشكوى بما حدث لعبد الرحمن داخل السجن، وبدورها تواصلت معنا من أجل الشكوى، وفي الزيارة التالية يوم الإثنين كان عبد الرحمن مضربا عن الطعام وفي حالة إعياء شديد.

 

اقرأ أيضا: تفاصيل فاجعة اغتصاب معتقل مصري من 10 رجال أمن

 

الشاب عبد الرحمن الشويخ

 

 

عبد الرحمن في إحدى جلسات المحاكمة

 

 

عبد الرحمن مع شقيقه الأصغر

 

 


التعليقات (0)