أفكَار

الخصائص الفكرية والسياسية لـ "العدل والإحسان" المغربية

لاءات "العدل والإحسان" المغربية: لا للعنف، لا للسرية، لا للارتباط بالخارج (فيسبوك)
لاءات "العدل والإحسان" المغربية: لا للعنف، لا للسرية، لا للارتباط بالخارج (فيسبوك)

تعتبر جماعة العدل والإحسان واحدة من كبريات الحركات الإسلامية في المغرب.. وعلى الرغم من أن لها قيادات معروفين ومواقع رسمية على الأنترنت، فإن السلطات المغربية لا تزال تعتبرها جماعة محظورة، وهو تصنيف ترفضه الجماعة، وتقول إنها حصلت على ترخيص رسمي في الثمانينيات.

 



بعيدا عن الإشكال القانوني والسياسي، تفتح "عربي21" ملف المقومات الفكرية والسياسية لجماعة العدل والإحسان، بقلم واحد من قياداتها، وهو الدكتور عمر أمكاسو، وهو بالإضافة لصفته كباحث في التاريخ فهو مسؤول مكتب الإعلام وعضو مجلس الإرشاد في الجماعة.

مقدمات منهجية

نقدم خلال هذا الشهر الفضيل سلسلة حلقات خاصة بـ "عربي21"، حول تاريخ "جماعة العدل والإحسان" المغربية ومواقفها وتصوراتها، تحت عنوان "جماعة العدل والإحسان.. تاريخ ومواقف وتصورات"، ونوجز أسباب اختيار هذه الحلقات في ثلاثة أهداف:

1 ـ تعريف جمهورنا الكريم، بأحد فصائل الحركة الإسلامية: لكون جزء مهم من هذا الجمهور، وخاصة في المشرق العربي، لا يزال يجهل الكثير عن هذه الحركة، بسبب ما عانت منه من حصار وتعتيم.. رغم كونها أكبر تنظيم إسلامي وسياسي بالمغرب، بل غدت تمثل مكونا بارزا من مكونات الحركة الإسلامية ، ليس داخل المغرب فحسب، بل في العالم خاصة في أوربا وأمريكا.

2 ـ الاطلاع على بعض خصائص هذه التجربة التي منحتها تميزا وتفردا ملحوظين، على عدد من المستويات التربوية والسياسية والتنظيمية، والفكرية، ومن ذلك:

ـ تميز مرشدها الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، بتكامل كبير في جوانب شخصيته باعتباره مرشدا ومربيا ومصحوبا ومنظرا وعالما، مما منحه جاذبية وكاريزما خاصة، جعلته يصنف ضمن قيادات الحركة الإسلامية المشهورة.

ـ وضوح تصورها التربوي والسياسي والفكري، لاعتمادها على منهاج واضح المعالم تسميه بنظرية المنهاج النبوي، وهو منهاج يقدم أجوبة واضحة عن كثير من القضايا التصورية والعلمية والعملية التي عانت بعض الحركات الإسلامية من افتقادها أو التخبط فيها أحيانا.

ـ بناؤها على أساس تربوي إيماني عميق، لدرجة اتهام البعض لها بكونها حركة صوفية بلبوس حركي.

ـ نهجها لخط وسط بين المواجهة والمهادنة في تعاملها مع الحكام، فلا هي من الحركات التي دخلت في مواجهة مع الحكام، ولا هي من الحركات التي ارتمت في أحضانهم.

ـ اعتمادها ما عرف لديها باللاءات الثلاث: لا للعنف، لا للسرية، لا للارتباط بالخارج، مما متعها بحصانة بينة، حفظتها من متبطات وقعت أو جرت إليها بعض الفصائل الإسلامية.

ـ نهجها لخيار العلنية في بسط تصوراتها ومواقفها منذ انطلاقتها، في وقت اختارت فيه جل الحركات التغييرية الإسلامية وغيرها نهج أسلوب السرية.

ـ طابعها السلمي، ورفضها المطلق للعنف، أسلوبا للتغيير، مع قوة مواقفها وجرأة خطابها، مما جعلها "قوة هادئة"، كما وصفها مرشدها، ومما جعل البعض يعتبر مؤسسها "غاندي الحركة الإسلامية".

ـ انغراسها في النسيج المجتمعي والحضاري المغربي، وسلامتها من التأثر بالنزعة الوهابية المتشددة، مما جعلها منسجمة مع الاختيارات الدينية للشعب المغربي، ومستقلة عن باقي الحركات الإسلامية الكبرى، رغم استفادتها كثيرا منها.

ـ حفاظها على وحدتها وتماسكها، رغم ما تعرضت له من هزات، وعدم تعرضها لأي انشقاق كما وقع لغيرها، نتيجة اعتمادها على ما تسميه بالنواظم الثلاث.
 
ـ موقفها من المشاركة السياسية، حيث تتبنى مشاركة سياسية قوية من خلال العمل خارج المؤسسات الرسمية، التي تتهمها بفقدان المصداقية وعدم الفعالية، خلاف كثير من الحركات الإسلامية التي اختارت العمل داخل هذه المؤسسات.

ـ إشعاعاتها التربوية والفكرية خارج المغرب، التي يسرت لها "امتدادات" في أوربا وأمريكا، دون السقوط في الارتباط التنظيمي بهذه "الامتدادات"، مما منحها حرية الحركة والفعل في إطار القوانين الجاري بها العمل في بلدانها.

ـ شهودها المتميز وحضورها الفاعل في قضايا المجتمع المغربي والأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

ـ اختيارها لتحالفات سياسية مبنية على الموقف السياسي أكثر من الخلفية الإيديولوجية، مثل تحالفها في الحراك الاحتجاجي المغربي مع قوى ذات خلفية يسارية، بسبب اشتراكها معها في الموقف السياسي المعارض للنظام الحاكم الذي اختارت حركات إسلامية أخرى العمل معه.

ـ تحملها لأصناف متنوعة ومتجددة من ضروب الحصار والتضييق على مدى تاريخها، دون ثنيها عن منهاجها السلمي المتسم بالتؤدة والقصدية واللاعنف.

ـ انفتاحها على باقي الحركات التغييرية داخل الوطن والأمة، دون السقوط في الاستنساخية والتبعية لها. 

3 ـ الإسهام في خرق الحصار المضروب عن هذه التجربة الحركية الإسلامية، ومد جسور التعارف والتواصل والتعاون بينها وبين باقي التجارب.

ونأمل، عبر حلقات هذه السلسلة أن نسلط الأضواء الكاشفة، بما يسمح به هذا الحيز، على هذه الخصائص التي تجعل تجربة جماعة العدل والإحسان تجربة إسلامية وتغييرية تستحق الدراسة والنقد والمقارنة.

ونقترح لهذه السلسلة بعد هذا التقديم، ثماني حلقات تصاحبنا على مدار هذا الشهر الفضيل، وفق التصميم التالي:
  
1 ـ المؤسس وإرهاصات التأسيس
2 ـ محطات كبرى في المسار التاريخي لجماعة العدل والإحسان 
3 ـ تصورات ومفاهيم مؤطرة لمنهاج جماعة العدل والإحسان (ضمنها العلاقة بين الديني والسياسي)
4 ـ معالم كبرى في التصور التربوي والتنظيمي للجماعة
5 ـ معالم كبرى في التصور السياسي والتدافعي للجماعة
6 ـ بعض التجارب والمبادرات في تجربة الجماعة: تجربة العمل الطلابي، تجربة المخيمات الصيفية، التجربة الإعلامية... 
7 ـ موقع المرأة في تجربة الجماعة
8 ـ حضور الجماعة في قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية 

والله المستعان..

*أستاذ باحث في التاريخ


التعليقات (4)
محمد
الإثنين، 19-04-2021 04:36 ص
العدل والإحسان جماعة مغربية لا علاقة لها بأي جهة خارجية تتميز بعدم مشاركتها في أي نشاط سياسي رسمي بسبب معارضتها للنضام المغربي ومؤسساته الرسمية كما تقاطع الإنتخابات لأنها لا تمثل الشعب بل تمثل النضام المستبد وتتميز بنهجها الإسلامي النقدي للحكم الأموي والعباسي وكل الأنضمة الاسلامية السابقة ولا تعترف الا بالعصر النبوي وعصر الخلفاء الأربعة وتعمل على تمحيص الفكر والثرات الإسلامي مما ادخله عليه علماء السلاطين .
سابق
الإثنين، 19-04-2021 01:34 ص
كباحث في التاريخ نتمنى ان يكون حديثك عن الجماعة وتاريخها،خاضعا للمنهج التاريخي الذي تقرأ به باقي الحركات الاجتماعية والسياسية المختلف معها ،لا كعضو داخل الجماعة يتحدث فقط عن ما يرضي مريديها، ،أي ان تتحدث عن الجماعة كتنظيم يخصع الفاعلين فيه للشرط التاريخي ،بدءا من مؤسسها إلى آخر عضو فيها.
محمد
الأحد، 18-04-2021 02:27 م
موضوع يستحق المتابعة،بالتوفيق
Salh motanbbih
السبت، 17-04-2021 04:50 م
تجربة تستحق الإنصاف من لدن المتتبعين و الناس أجمعين . الله الموفق لكل خير.