ملفات وتقارير

"عربي21" تقرأ أسباب تزايد رفض قوانين عباس قبيل الانتخابات

يرى مراقبون أن عباس استبق الانتخابات بإحكام سيطرته على السلطة القضائية عبر إصدار 3 قوانين بقرارات- الأناضول
يرى مراقبون أن عباس استبق الانتخابات بإحكام سيطرته على السلطة القضائية عبر إصدار 3 قوانين بقرارات- الأناضول
أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عددا من القرارات التي كان آخرها قرار تعديل قانون رقم (9) لسنة 2010 بشأن المصارف، ما أثار الجدل داخل الساحة الفلسطينية، خصوصا أن تلك القرارات تأتي قبيل انتخابات المجلس التشريعي، ما جعل مراقبين ينظرون إليها على أنها محاولة لاستباق نتائج الانتخابات.

وتجرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التحضيرات لإجراء الانتخابات العامة، بحسب المرسوم الصادر في 15 كانون الثاني/ يناير 2021، وستجرى انتخابات المجلس التشريعي في 22 أيار/ مايو 2021، والرئاسية في 31 تموز/ يوليو 2021، على أن تستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، وتعد نتائج انتخابات التشريعي هي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 آب/ أغسطس 2021.

المجلس التشريعي الجديد

وخلال الفترة القريبة الماضية، أصدر رئيس السلطة العديد من القرارات والقوانين التي كان آخرها قرار تعديل قانون رقم (9) لسنة 2010 بشأن المصارف، والذي يمكن من خلاله نشر بيانات العملاء وتبادل المعلومات، وهذا يمس الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، وتسبب ذلك برفض حقوقي وفصائلي فلسطيني.

ولمعرفة موقف الحكومة الفلسطينية من هذا الرفض الواسع لإصدار عباس قرارات وقوانين قبل الانتخابات، تواصلت "عربي21" مع وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة، الذي قال: "هذا وقت دقيق، هناك مجلس تشريعي قادم يمكن أن ينظر في كل هذه القرارات".

ونبه في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "هذه المواضيع بحاجة إلى دراسة، وهي مواضيع شائكة، مثل قانون الجمعيات وقانون السلطة القضائية"، مضيفا أن "لدينا وجهة نظر، لكن الوقت غير مناسب للحديث في هذا الموضوع".

ورأى الوزير الشلالدة، أنه من "حق مؤسسات حقوق الإنسان والشعب الفلسطيني أن يتحدثوا ويكتبوا ويبدوا ملاحظاتهم، وعند انعقاد المجلس التشريعي يمكن طرح كل القوانين وإعادة النظر فيها، والبرلمان هو صاحب الأحقية في إلغاء القوانين".

وعن أسباب الرفض الفلسطيني لإصدار رئيس السلطة لقوانين تسبق الانتخابات، أكد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، أن "أي مراسيم إن لم يكن الهدف منها تسهيل العملية الانتخابية وإزالة المعيقات، ينظر إليها بكثير من الشك".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "علينا أن لا ننسى أن إجراء هذه الانتخابات يتم في ظل بيئة الانقسام وعدم الثقة، وينظر إلى هذه المراسم أيضا في هذا السياق"، منوها إلى أن "الانتخابات حالة كلية شامله، تقييد بعض صورها سيزيد من عدم الثقة، ولذلك كان من الأفضل إرجاء هذه المراسيم، وترك هذه القضايا لما بعد الانتخابات وتولي الحكومة الجديدة إصدارها".

استقلالية السلطة القضائية

من جانبه، أكد رئيس الهيئة الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، أن "كل مؤسسات حقوق الإنسان ومعظم مكونات المجتمع، تتحفظ على كل التشريعات التي صدرت خلال فترة الانقسام".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "الأصل في صدور التشريعات هو المجلس التشريعي، ولكن الرئيس توسع في تفسير نص المادة (43) التي تجيز له إصدار قوانين بقرارات أو مراسيم لحين عودة أو انعقاد المجلس التشريعي، وله إبطالها أو الإبقاء عليها أو تعديلها".

ونوه عبد العاطي إلى  أنه "منذ 14 عاما والرئيس يصدر تشريعات بقوانين رغم أنها لا تملك صفة الضرورة ولا الاستعجال ولا الاستثناء"، مؤكدا أن "هدف هذه المراسيم، هو إحكام السيطرة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبيئة الحريات والحقوق. وفي غالب تلك المراسيم، تم المس بحقوق وحريات المواطنين، وكانت مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الأساسي، لذلك فقد كان هناك رفض واسع لهذه القرارات بقوانين".

ولفت إلى أن "هذا الرفض يتسع ويزداد عند الاتفاق على الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، وهو يتضاعف عند إصدار الرئيس مراسيم بقوانين جديدة قبل الانتخابات، لأن الأصل الذهاب إلى الانتخابات وتوفير بيئة من الحقوق والحريات تسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة".

ورأى الحقوقي الفلسطيني أن "الرئيس استبق عملية الانتخابات بإحكام سيطرته على السلطة القضائية عبر إصدار 3 قوانين بقرارات، من خلالها غيب مبادئ استقلالية السلطة القضائية وجعلها بالكامل رهينة لعمل السلطة التنفيذية، وفي هذا الأمر ما يشير إلى هندسة العملية الانتخابية لتغييب ضمانات استقلالية السلطة القضائية، وبالتالي تغييب ضمانات الرقابة القضائية على العملية الانتخابية".

هندسة العملية الانتخابية

وذكر أنه "صدرت مراسيم بقرارات أو قوانين هي غير ضرورية، باعتبار أن القانون الأساسي الفلسطيني ينص عليها، كمرسوم الحريات، وهذا الأمر وإن جاء فيه ترحيب، لكن لا أحد يمنح حقوقا وحريات للمواطنين"، لافتا إلى أن "الحقوق والحريات ليست منحة من الحكام وإنما منصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والقانون الأساسي، وقد كفلتها الأعراف والمواثيق الدولية وحتى الأديان السماوية".

وحول القانون الذي يتعلق بعمل منظمات المجتمع والجمعيات، فقد أكد رئيس الهيئة الدولية، أنه "مس استقلالية عمل منظمات المجتمع المدني، وأدى إلى فرض قيود بالكامل على حرية عملها"، مضيفا أن "كل ذلك يأتي في إطار هندسة العملية الانتخابية في هذا المجال، علما بأن القانون المذكور يتعارض مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لقاء الفصائل بالقاهرة".

وأفاد بأن "الرئيس عباس لم يستجب إلى توصيات الفصائل التي خرجت بعد حوار القاهرة الأخير الشهر الماضي، ولم يقم بتعديل قانون الانتخابات كما طالبت بذلك الفصائل، وأصر على تشكيل محكمة الانتخابات كما يريد، والإبقاء على القرارات والقوانين التي مست ضمانات الترشح في القانون الانتخابي".

ولفت عبد العاطي، إلى أن "هذه القرارات بقوانين، جاءت استمرارا لنهج التفرد والإقصاء الذي يتبعه الرئيس عباس، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤدي إلى وضع عراقيل وقيود كبيرة وتخوفات أمام إجراء عملية انتخابية حرة ونزيهة وديمقراطية، وبالتالي فقد اتسع الرفض الوطني والسياسي والحقوقي لهذه التشريعات بقوانين كونها تتعارض مع القانون الأساسي وجملة المعايير الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين".

وأكد أن "هناك خشية حقيقية من أن الرئيس يريد الذهاب إلى انتخابات محددة النتائج بشكل مسبق، عبر إجبار الكل على الذهاب لخارطة سياسية حددها، وترتيبات قانونية عبر قوانين ومحكمة إقصائية مسيطر عليها وعلى قراراتها بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى غير الشرعي، والذي يعارضه كل الحقوقيين في المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى تغييب الضمانات القضائية، ولاحقا التأثير على حرية عمل الجمعيات، والقيود على الحقوق والحريات وعدم احترام ما جرى من توافق بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ووقف تدخل الأجهزة الأمنية، وإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية وغيرها".

وفي نهاية حديثه مع "عربي21"، خلص الحقوقي الفلسطيني إلى أن رئيس السلطة عباس، يعمل على "تهيئة المناخ والبيئة السياسية لإجراء انتخابات هي أقرب إلى مجلس أعيان منها إلى انتخابات حرة وتنافسية وديمقراطية".

0
التعليقات (0)