كتاب عربي 21

ترامب إذ يبيع دكتاتوره المفضل!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
أراد ترامب أن يضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد، فأصاب عبد الفتاح السيسي!

ففي تغريدة واحدة انتقد الكونجرس، لأنه أبقى على المساعدات العسكرية لمصر لتشتري السلاح من روسيا، فأصاب هدفين إصابات طفيفة؛ الكونجرس وروسيا، بينما الإصابة الأكثر ايلاماً كانت من نصيب دكتاتوره المفضل.

فمنذ إعلان فوز بايدن وسقوطه وترامب يسعى لأن يضع له العربة أمام الحصان، ولأنه متهم بالتواطؤ مع الروس، ولا يستطيع أن يعلن العداء الكبير لهم الآن، فهم متهمون بالتدخل في الانتخابات التي جاءت به رئيساً، فاستنكاره لشراء مصر للسلاح من روسيا يأتي من باب ذر الرماد في العيون، لأن القاهرة لا تشتري فقط سلاحا من روسيا، والتي ليست هي الأولى في هذا العام في هذه القائمة، ولكن إيطاليا، وتأتي موسكو في المرتبة الثانية، وباريس في المرتبة الثالثة. وبحسب تقرير لمنظمة أمنستي فإن قائمة الدول المصدرة للسلاح لمصر تتجاوز اثنتي عشرة دولة.

أما أنها إصابة طفيفة للكونجرس، فلأن المساعدات العسكرية الأمريكية لم تكن نتاج قرار صدر بعد سقوطه، ولكنها منذ توقيع اتفاقية السلام بين السادات والإسرائيليين برعاية أمريكية، فكانت بمثابة "عربون محبة". ثم إن السيسي لم يذهب اليوم فقط إلى روسيا لشراء السلاح، فهو فعل هذا خلال حكم ترامب، الذي لم ير في ذلك ما يستحق اللوم أو العتاب، واستمر في علاقته بدكتاتوره المفضل، يسبغ عليه الحماية، ويشمله بالرعاية، ويتجاوز عن جرائمه في ملف حقوق الإنسان، فما الذي تغير؟!
السيسي لم يذهب اليوم فقط إلى روسيا لشراء السلاح، فهو فعل هذا خلال حكم ترامب، الذي لم ير في ذلك ما يستحق اللوم أو العتاب، واستمر في علاقته بدكتاتوره المفضل، يسبغ عليه الحماية، ويشمله بالرعاية، ويتجاوز عن جرائمه في ملف حقوق الإنسان، فما الذي تغير؟!

لقد لفت الصحفي المرموق محمد السطوحي انتباهنا إلى خطأ في الترجمة الرائجة لما كتبه ترامب، كانت سبباً في دهشة المهتمين بهذا الملف. دعك من "الأبواق الإعلامية" للجنرال، فهؤلاء يتصرفون كشبيحة، وكأنهم في خناقة شوارع، فهم لديهم استعداد دائم لمواجهة أمريكا وما بعد أمريكا، وهم ينيبون من مواقعهم في الأستوديوهات عن وزارة الخارجية، فيعلنون استعداد مصر الكامل التخلي عن كل المساعدات الأمريكية، وهو أمر وثيق الصلة بسلوك نمط من المتسولين الذين يمارسون مهنتهم تحت لافتة "حسنة وأنا سيدك"!

الترجمة الرائجة أوحت بأن القاهرة تستخدم المعونة العسكرية الأمريكية وقدرها 1.3 مليار دولار في شراء أسلحة من روسيا، فلما كانت المعونة ليست مالية، فقد أثار هذا دهشة المهتمين، لكن "لفت الانتباه" إلى الترجمة يؤكد أن ترامب لم يقع في الخطأ، فهو لم يقل إن المصريين يشترون بالمال الأمريكي أسلحة من موسكو، ولكنه قال ويشترون دون تحديد لمصدر المال الذي تشتري به مصر السلاح من روسيا.

المساعدات الأمريكية هي أسلحة ومعدات، ولعل هذا من شأنه أن يعزز من مبدأ القدرة على الاستغناء عنها، فماذا لو تم قطع هذه المعونة تماماً؟!

لا يختلف أحد على أن هذه "المساعدات العسكرية" ساعدت في رفع كفاءة الجيش المصري، لكن في النهاية، فإن الحاكم العسكري المصري لن يحارب وليس في نيته خوض أي حرب، والمواجهات التي تحدث مع المسلحين في سيناء لن تتضرر إذا لم تستخدم فيها أحدث الأسلحة، لأنها في مواجهة من يستخدمون الأسلحة البدائية. والجيش الإسرائيلي هو الوحيد الذي كان يُعمل حساب المواجهة معه، وهي جبهة حرب أغلقت بسبب معاهدة السلام، ثم إن السيسي لن يفتح باب الحرب مع الاسرائيليين أبداً، ولن يحارب خارج حدود مصر البتة، فلم يشارك في الحرب في اليمن، وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت طبول الحرب تقرع بعنف في القاهرة، على أساس أن الجيش المصري سيخوض غمار الحرب في ليبيا، وحصل السيسي على موافقة البرلمان على ذلك، وقد كتبت متحدياً أن يفعل، وها هي سنة كاملة تمر، وقد تراجع تماماً خيار الحرب في ليبيا!
القيمة الفعلية للمساعدات العسكرية الأمريكية، أن وجودها يضمن تدفق المساعدات المالية من ناحية، والاعتراف بشرعية الحكومة القائمة من ناحية أخرى، وإذا حجبت الحكومة الأمريكية المعونة العسكرية، فإن الأمر يعني سحب الاعتراف بعبد الفتاح السيسي

القيمة الفعلية للمساعدات العسكرية الأمريكية، أن وجودها يضمن تدفق المساعدات المالية من ناحية، والاعتراف بشرعية الحكومة القائمة من ناحية أخرى، وإذا حجبت الحكومة الأمريكية المعونة العسكرية، فإن الأمر يعني سحب الاعتراف بعبد الفتاح السيسي، حينئذ سيسقط في ست ساعات، بصوت الرئيس السادات، لأنه لا يعتمد في شرعيته على الداخل، أو على توافق شعبي مصري ولو في حدوده الدنيا، فهو في موقعه في السلطة، لأنه في معية البيت والغرب بشكل عام، وإذا سُحب الاعتراف منه، فسوف ينفض السامر، وستبدأ أزمته من دائرة حكمه الضيقة!

إن ترامب يعلم توجه بايدن تجاه دكتاتوره المفضل في القاهرة، فأراد بهذا الموقف من المعونة العسكرية أن يقطع الطريق عليه، فلا يكون أي دور يقوم به ضده له قيمة كبيرة، وكذلك فعل في كل الملفات الأخرى ومن الصين، إلى تركيا، وبدرجة أقل روسيا، وفي حدود مساحة المناورة أمامه وهي ضيّقة؛ تجعل من هذه المناورات ليست أكثر من وسيلة لتحدي الملل!

وأعتقد أن بايدن كسياسي متمرس، يعرف قيمة الإنجازات السريعة في سنة الحكم الأولى، سيجد في المجال المصري فرصة ليؤكد انحيازه لحقوق الإنسان، وهو هنا يعلم تماما أن أي إنجاز في هذا الملف سيحسب له، وسيمثل إضافة من حيث الشكل للصورة الذهنية للولايات المتحدة الأمريكية التي اهتزت تماما في عهد ترامب، ثم إنه هنا سيكون في مواجهة الدكتاتور المفضل لغريمه، الذي ساعده بالدعم في حملته الانتخابية السابقة، وقد تكون بداية للتحقيق الجاد في التدفقات المالية التي وصلت من القاهرة لهذا الغرض، فضلا عن أنه لن يخسر شيئاً.

إن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالخارج، هي علاقة انتهازية لا تقوم على المبادئ ولكنها لا تنظر إلا للمصالح، لكن علينا أن نطرح سؤالاً على درجة كبيرة من الأهمية: وماهي المصالح التي لا يزال يمثلها السيسي، وقد فقدت مصر في عهده دورها التقليدي، ليس في زعامة المنطقة، فهذا دور تخلى عنه مبارك طواعية للحكم السعودي، ولكن في ما يختص بملف الصراع العربي الإسرائيلي؟ وفي كل الاتفاقيات العربية السابقة مع الكيان الصهيوني، كان مبارك حاضراً جنباً إلى جنب مع الرئيس الأمريكي، الآن تخلقت زعامة جديدة لهذا الملف في دولة الإمارات العربية المتحدة، هو محمد بن زايد، ولم يعد من دور للقاهرة إلا الدور الذي يزاحم به السيسي فعقب كل اتفاقية تطبيع، يكتب منشوراً يؤكد فيه تثمينه لهذه الخطوة، على قاعدة "أنا أثمن إذاً أنا موجود"!

إنها أزمة اللعب في الوقت الضائع.

twitter.com/selimazouz1
التعليقات (3)
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 29-12-2020 10:37 ص
*** ما كان للانقلابات على الحكم في مختلف الأقطار العربية أن تنجح وقتياُ إلا بتضافر ظروف وتكالب ودعم ومساندة قوى دولية خارجية ومحلية وداخلية، وسواء كانت انقلابات عسكرية كما الحال في مصر، أو انقلاب داخل الأسرة الحاكمة كما الحال في الجزيرة العربية، فنجاح تلك القوى الانقلابية في الاستمرار في الحكم والسيطرة على إدارة شئون بلادها، هو استمرار يبدوا أبعد ما يكون عن الواقع الحالي، وسواء شاءت أم أبت أم قاومت الفاعليات الداخلية المدعومة من الخارج التي تنعت نفسها بصفات القوى الوطنية الاشتراكية أو الليبرالية أو العلمانية، أو حتى تلك التي تتسربل تحت غطاء جمعيات حقوق الإنسان، وكثيراُ منها وليس كلها، مدعومة من قوى خارجية ذات أغراض خبيثة لتغيير هوية الأمة بهدف السيطرة على مقدراتها ونهب ثرواتها، أو القوى المتسربلة بزي والقاب دينية المتماهية مع الحكومات الاستبدادية، انظر حالة تواضروس رأس الكنيسة القبطية ومفتي مصر المعين واتباعهما المسيرين من السيسي كمثال، وقد ظهر ضعف تلك الفاعليات في التأثير في مجرى الأحداث السياسية، بل خيانتها لمعتقداتها ومبادئها المعلنة هي نفسها، كما في حالة جبهة الإنقاذ التي ساندت الانقلاب العسكري في مصر على الحكم الثوري المدني الديمقراطي، ثم نالت جزائها بإطاحة الانقلاب العسكري بقياداتها، انظر حالة البرادعي وحمدين وحركة شباب 6 أبريل كمثال بعد أن تخلت عنهم قوى الخارج، والدعم الذي حظى ويحظى به أمثال الجنرال الانقلابي السيسي وبن زايد وبن سلمان من قوى خارجية كأمثال ترامب وماكرون، مرتبط باستغلالهم لمصالح بدأت في النضوب، وفشل عصابة الثلاثة بن زايد وبن سلمان والسيسي في استمرار اكتساب التأييد الخارجي والدعم من القواعد الشعبية في الداخل بات واضحاً وجلياُ، وستكون نهايتهم قريبة، وإن عمي عنها بعض أصحاب النفوس الضعيفة والعزيمة الخائرة وذوي النظرة القاصرة، وستبرز قيادات جديدة معبرة عن هوية الأمة الحقيقية، وساعية لتحقيق المصالح الوطنية والشعبية الواسعة، وتستمد قوتها من دعم وتأييد التيارات الوطنية غير المتلونة بألوان غربية، والقوى الشعبية المتجذرة في الهوية الحقيقية للأمة، وإن غداُ لناظره قريب، والله أعلم.
عبدالرحمن السعيد
الثلاثاء، 29-12-2020 10:25 ص
الاسلحة الامريكية لم ترفع كفائة الجيش المصري كما ورد في المقال لان امريكا تتحكم فيها من خلال ال GPS و قد فعلتها من قبل المهم اعتقد ان السادات سلم جيش مصر لامريكا تسليم مفتاح مع اتفاقية كامب ديفيد حيث التدريب و التسليح امريكي حيث لم يبقى سر او ولاء لمصر في الجيش و ظهر هذا واضح من خطف و قتل القائد الاعلى للقوات المسلحة و رئيس مصر و الاف المصريين في مقابل مليارات الخليج و ايضا عند بيع تيران و صنافير التي كانت سبب حرب 1967 و ايضا صمت القبور عن سد يخنق مصر بالجوع و العطش في اثيوبيا و ايضا تنفيذ اوامر ابن زايد في التحرش بتركيا وصل للبحر الاسود فالكارثه بدأت من السادات الذي تنازل عن الجيش لامريكا ثم بالسيسي الذي تنازل عن الجيش لابن زايد فبينما نحتاج اسلحة قادرة على تدمير السد هذا يشتري اسلحة بحرية للتحرش بتركيا و صالحة لحماية موانئ دبي اذا لزم الامر
الحمد لله
الثلاثاء، 29-12-2020 09:53 ص
ترامب يفعل ما فعله جورج مبارك الاب حيث السياسية الخبيثة يا انا يا الفوضة

خبر عاجل