قضايا وآراء

إسقاط الجنسية المصرية

أسامة جاويش
1300x600
1300x600

على مدار الأعوام السبعة الماضية، كان المعارضون المصريون في الخارج يضحكون في كل مرة نقرأ فيها عن المدعو سمير صبري، المحامي المقرب من نظام السيسي، وهو يتقدم ببلاغ جديد إلى النيابة العامة المصري مطالبا بإسقاط الجنسية عن سياسيين وإعلاميين وحقوقيين في الخارج.

لم يتصور أحد أن يأتي يوم ويتعامل النظام العسكري في مصر مع تلك البلاغات وهذه المطالبات العبثية بجدية، وأن يصدر مجلس الوزراء المصري قرارا تم نشره في الجريدة الرسمية الأسبوع الماضي بإسقاط الجنسية المصرية عن الناشطة المصرية غادة نجيب، زوجة الفنان المصري المعارض هشام عبد الله والذي يعمل مقدما للبرامج في قناة الشرق في إسطنبول.

المادة السادسة من الدستور المصري الأخير تنص على أن "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه، كما يحدد القانون شروط اكتساب الجنسية". وبناء على ذلك يعتبر الحق في الجنسية من الحقوق الأصيلة لكل مواطن يولد لأب أو أم مصرية، وهو من الحقوق اللصيقة بشخص المواطن والتي لا تقبل تعطيلاً أو انتقاصاً، ويجب على أي مشرّع الالتزام التام بعدم المساس بأصل الحق في الجنسية عند إصداره لأي قانون ينظم وسائل الاعتراف بهذا الحق وإثباته، ولذلك فإن أي نص يسقط الجنسية الأصلية عن أي مواطن مصري يعد مخالفاً للدستور.

 

الأزمة الحقيقية في نظام السيسي أنه لا يحترم الدستور الذي أقره هو في وقت سابق، فقد أقرت الحكومة تعديلا قانونيا يتعلق بالحالات التي يحق لمجلس الوزراء المصري أن يسقط الجنسية فيها عن المعارضين في الخارج

الأزمة الحقيقية في نظام السيسي أنه لا يحترم الدستور الذي أقره هو في وقت سابق، فقد أقرت الحكومة تعديلا قانونيا يتعلق بالحالات التي يحق لمجلس الوزراء المصري أن يسقط الجنسية فيها عن المعارضين في الخارج، ونظم هذا الأمر من خلال ثماني حالات تتعلق بالإقامة في دولة أجنبية، أو الانتماء لأي منظمة إرهابية، أو العمل على الإضرار بمصالح الدولة، أو التجنس بجنسية دولة أجنبية دون إذن من الحكومة المصرية. ولكن الحكومة لم تخبرنا في هذا التشريع عن آلاف المصريين المعارضين الذين يتم رفض معاملاتهم في القنصليات والسفارات المصرية في الخارج ولا يتم استخراج أو تجديد جوازات السفر الخاصة بهم، وتتم مخاطبة الإنتربول لتسليمهم وترحليهم إلى مصر.

غادة نجيب ربما هي الحالة الأولى للمعارضين المصريين في الخارج ولكنها لن تكون الحالة الأخيرة، فهناك قضية أخرى تتعلق بإسقاط الجنسية المصرية عن "كل" من تم اتهامه في قضايا تتعلق بالإرهاب، وسيتم النطق بالحكم فيها في الثالث والعشرين من كانون الثاني/ يناير المقبل، ما يعني أننا بصدد مئات بل ربما آلاف المعارضين في الداخل والخارج سيتم إسقاط الجنسية المصرية عنهم في غضون شهر من الآن.

 

 

غادة نجيب ربما هي الحالة الأولى للمعارضين المصريين في الخارج ولكنها لن تكون الحالة الأخيرة، فهناك قضية أخرى تتعلق بإسقاط الجنسية المصرية عن "كل" من تم اتهامه في قضايا تتعلق بالإرهاب

 

الأزمة الحقيقية هي أن هذا النظام يتعامل مع كل تفصيلة صغيرة أو كبيرة بالأوراق والمستندات حتى وإن كانت مزورة أو ملفقة، ولكنه يحاول حماية نفسه بتلك الأوراق القانونية، حتى إذا ما تم انتقاد قراراته تلك من قبل المجتمع الحقوقي والسياسي إقليميا أو دوليا، يُخرج لهم السيسي تلك الأوراق القانونية ويقول هذا نص القانون وهذه موافقة البرلمان وهذا قرار الحكومة، وهؤلاء إرهابيون يستحقون إسقاط الجنسية المصرية عنهم.

ما لا يعلمه النظام أنه إن تم إسقاط الجنسية المصرية عن أي معارض في الداخل فهذا يعني مباشرة أن هذا الشخص من حقه طلب اللجوء والحماية مباشرة من الأمم المتحدة، ولا يستطيع النظام المصري حينها منعه من ذلك، الصورة ربما ستكون أصعب على من هم في الخارج ولم يستطيعوا الحصول على جنسية أخرى حتى الآن، ولكنها ستقوي من فرصهم في تقديم اللجوء السياسي في أي دولة إن استطاعو التواجد على أراضيها.

 

السيسي يتعامل مع المصريين وكأنه هو الدولة التي امتلكت حياتهم، فيقرر منح هؤلاء الجنسية مقابل حفنة من الأموال، ويقرر إسقاط الجنسية عن هؤلاء استنادا على تهم ملفقة وقضاء غير مستقل

 

الجنسية المصرية ليست منحة من أحد وليست أيضا ملكا لنظام السيسي، وإنما هي عقد اجتماعي وروح وطنية تسري في قلوب من ولد على هذه الأرض وتربى فيها، ودفع من أجلها دما ومالا وعرقا وسنوات عاشها من أجل حرية هذا البلد الطيب.

السيسي يتعامل مع المصريين وكأنه هو الدولة التي امتلكت حياتهم، فيقرر منح هؤلاء الجنسية مقابل حفنة من الأموال، ويقرر إسقاط الجنسية عن هؤلاء استنادا على تهم ملفقة وقضاء غير مستقل، ولكن هيهات أن يستمر هذا العبث طويلا.

twitter.com/osgaweesh

التعليقات (1)
واحد
الإثنين، 28-12-2020 04:26 ص
هي مش أصلا غادة سورية!