صحافة دولية

WP: فريق بايدن يهدف لعكس السياسات التي غذت صعود ترامب

دبلوماسي عتيق: فريق بايدن يحاول رسم مسار جديد- جيتي
دبلوماسي عتيق: فريق بايدن يحاول رسم مسار جديد- جيتي

قالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها إن ترشيحات الرئيس المنتخب جوزيف بايدن لإدارته المقبلة تهدف إلى دفع السياسات التي غذت صعود الرئيس دونالد ترامب للوراء.

وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن اختيارات بايدن تعكس محاولة لإرجاع أكبر قدر من السياسات التي دعمها ترامب من خلال تعيين رموز دعوا إلى سياسات تجاهلها الرئيس المنتهية ولايته أو قلل من أهميتها أو ساعدت على دخوله إلى مركز السياسة الأمريكية.

وشملت قائمة بايدن التي أعلن عنها يوم الإثنين رموزا دعوا إلى اتفاقيات التجارة وتوقيع المعاهدات الدولية ودعوا للحروب الأجنبية، وهي مواقف أدت لحالة من البحث عن الذات بعد هزيمة الديمقراطيين وكيف أساؤوا فهم الخريطة الانتخابية ومشاعر الناخبين الساخطة الذين اعتمدوا في الماضي على دعمهم.

وما تعلموه من تلك الهزيمة وكيفية حكمهم هذه المرة سيكون بمثابة امتحان لحاجة بايدن للرد على مظاهر القلق بين داعمي ترامب، الذي حصل في تشرين الثاني/ نوفمبر على المرتبة الثانية من ناحية أصوات الناخبين في التاريخ الأمريكي. وفيما إن كان بايدن سيتعامل مع فوزه على أنه تفويض عام وتحول نحو مسار جديد أو البقاء في الوسط.

وفي البداية قد لا يتخلى بعض الرموز الذين اختارهم بايدن وحلفائهم، بسهوله عن المواقف التي تبنوها عندما كانوا في السلطة.

ويعتقد بعض الذين اختارهم بايدن أن ترامب انتفع من تبني المشاكل التي قلل من أهميتها أوباما أو فشل في معالجتها، خاصة الشعبوية الاقتصادية التي كانت منتشرة بشكل أوسع مما تخيلوا محليا وعالميا.

وفي وسط وباء فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي، لا تزال النزعة الشعبوية واضحة. ولن تكون اتفاقيات التجارة الحرة سهلة كما كانت في السنين الماضية. ولا شهية للأمة للتدخلات الخارجية.

ولكن حملة بايدن كانت تدور حول فكرة واحدة لو استمرت وهي أن رئاسة ترامب "هي لحظة منحرفة". ولهذا ينظر إلى فوزه على أنه انتقام للمؤسسة في واشنطن. ومن هنا فالتزامات بايدن الأولى هي محاولة عكس متناسق لجهود ترامب الذي جاء من الخارج لتفكيك إرث أوباما، مستخدما نفس الأشخاص الذين ساعدوا على خلق هذه السياسات في المقام الأول.

وبايدن يعرف طرق واشنطن، ومن هنا جاء اختياره لأنطوني بلينكن الذي عمل نائبا لوزير الخارجية وعمل مستشارا لبايدن، لكي يتولى منصب وزير الخارجية، وهو الذي تولاه في عهد أوباما جون كيري الذي اختاره بايدن مبعوثا خاصا لشؤون المناخ. أما جيك سوليفان الذي كان مستشار الأمن القومي لبايدن عندما كان نائبا للرئيس فسيصبح مستشار الرئيس للأمن القومي. وسيسمي بايدن جانيت يلين كأول وزيرة للخزانة. وتردد ترامب عام 2018 بتعيينها كرئيسة للاحتياط الفدرالي. كما اختار بايدن اليخاندرو مايوركاس الذي تولى عددا من المناصب في إدارة أوباما ليتولى كأول لاتيني منصب وزير الأمن الوطني. وستتولى ليندا توماس- غرينفيلد، صاحبة الخبرة في الخدمات الخارجية كسفيرة أمريكا في الأمم المتحدة. ورشح أفريل هينز، نائبة مدير سي آي إيه، كمديرة لوكالة الأمن القومي. وهي ترشيحات معروفة بكفاءتها وتعبر عن عودة إلى سياسة أمريكية يمكن التكهن بمسارها.

وقضى معظم من اختارهم بايدن حياتهم السياسية في أروقة السلطة بواشنطن. ووثقوا صلاتهم بمراكزها ومن يفكرون بنفس الطريقة وتحدثوا في مراكز البحث والحفلات ومارسوا الكتابة في الدوريات المؤثرة. ولديهم علاقات طويلة مع المشرعين من الحزب الجمهوري بشكل يسهل من عمليات المصادقة عليهم في الكونغرس مما سيفتح المجال أمام تعاون الحزبين. وهم معروفون لدى دول الناتو والدول الشرق أوسطية. وساعدوا في التفاوض على اتفاقية باريس للمناخ ودعموا الشراكة العابرة للباسيفيك واستراتيجية التوجه نحو آسيا، وكلها مزقها ترامب.

وفي مقابلة قبل الانتخابات قال بلينكن إن انتصار بايدن "يرسل هزة قوية داخل النظام الدولي وهي أن أمريكا عادت. وعلينا التحرك بناء على هذا". ويعترف بايدن أن ترامب ساهم بتوتير التحالفات الدولية وعزل دائما الولايات المتحدة على المسرح الدولي بطريقة ستمتحن إدارة بايدن وقدرتها على موازنة نهجها الدبلوماسي. وقال بلينكن: "المعضلة المركزية هي أن العالم يحتاج اليوم لعمل جماعي أقل في ظل تصاعد القومية التي أثرت على الثقة بالحكومات وترنح المؤسسات.. بشكل يجعل من التعاون الدولي الذي نريده صعب التحقق".

وفي الوقت الذي أعلن فيه فريق بايدن أن الهدف هو عكس سياسات ترامب لكن بعضا من مساعدي الرئيس المنتخب اعترفوا بأثر هزيمة 2016 على الحزب والتي جعلته يعيد النظر في مواقفه التي تمسك بها. واعترف سوليفان مثلا الذي دعم اتفاقية التجارة عبر الباسيفيك في عهد أوباما أن الديمقراطيين لم ينتبهوا للتداعيات السلبية الممكنة على العمال الأمريكيين. واتهم ترامب في حملته عام 2016 هيلاري كلينتون وبايدن بتدمير الصناعة الأمريكية من خلال معاهدة التجارة الحرة لشمال أمريكا أو نافتا. واعترف سوليفان في أيلول/ سبتمبر بأثر المعاهدات التجارية على المجتمعات وإرباكها حياة الناس. وكان رد الديمقراطيين على هذه المصاعب بتوفير برامج مساعدة فدرالية والتي وصفها سوليفان بأنها قليلة ومتأخرة. وليس من الواضح إن كان لدى سوليفان وأعضاء فريق بايدن يحملون رأيا في التجارة يختلف عن المواقف العامة للحزب. وقالت جينا بن يهودا، مديرة مركز ترومان: "أعتقد أن من الخطأ القول إن هذه الأسماء التي نعرفها ستكرر السياسات التي رأيناها". وأضافت: "هؤلاء ناس أذكياء شاهدوا العالم يتحول في ظل ترامب". ويقول مساعدون لبايدن إن عكس العلاقات الأمريكية- الصينية التي تدهورت لمستويات تاريخية في ظل ترامب ليس سهلا.

وقالت ويندي شيرمان الشخصية الثالثة بوزارة الخارجية في ظل أوباما: "في موضوع الصين، فعام 2021 ليس عام 2016، فنحن في مكان مختلف". وقالت إن إدارة بايدن ستواصل مواجهة الصين كما في عهد ترامب في قضايا الأمن وتكنولوجيا 5جي ولكنها ستحاول البحث عن تعاون في مجال التغيرات المناخية والحد من انتشار السلاح النووي.

وقالت إن "إدارة بايدن – هاريس من المحتمل أن تقيم علاقة مقنعة ومعقدة ولكنها واضحة مع الصين".

وقال بايدن في مقابلة مع "واشنطن بوست" إن إدارته تحتاج لوقت كي تحدد طريقة التعامل مع الصين والتقدم فيها "بناء على شروطنا وليس شروطهم". واعترف بايدن بأن "المقياس في هذا هو أن موقف الصين قوي أما موقفنا فضعيف نتيجة لقيادة الرئيس ترامب. وساعدت أعماله الصين على تحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية وإضعاف تحالفات أمريكا، وسحب أمريكا من العالم تاركة فراغا ملأته الصين وضوءا أخضر للدوس على حقوق الإنسان والديمقراطية والحط من ديمقراطيتنا من خلال الهجوم عليها".

لكن بلينكن وغيره يعتقدون أن عهد التدخل الأمريكي يتلاشى. وفي الوقت الذي رفض فيه استراتيجية ترامب "أمريكا أولا" إلا أنهم يحاولون البحث عما سيحدث لاحقا. وكتب بلينكن مقال رأي مشترك في الصحيفة: "الحقيقة هي أنه مهما كان لدى أمريكا من تسامح مع دورها العالمي الذي تبنته بعد الحرب العالمية الثانية إلا أنه بدأ بالتلاشي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتهشم في حربي العراق وأفغانستان والأزمة المالية العالمية عام 2008". ويعتقد بلينكن أنه يجب ترتيب البيت الداخلي. وما تعلمه من عهد ترامب كما يقول شخص يعرف بتفكيره هو أن الجماعات الخارجية تترك أثرها على السياسة الأمريكية.

وخلال سنوات ترامب الأربع مرت شخصيات بايدن المختارة بمرحلة من إعادة النظر في سياستها. وفي الوقت الذي تلقى فيه بايدن التهاني من حول العالم ظلت أسئلة تحوم حول مستقبل الشعبوية العالمية. وهي التي أنتجت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس البرازيلي جائير بولسونارو والرئيس البولندي أندريه دودا.

ويرى توماس شانون المسؤول السابق في الخارجية والذي قضى 35 عاما كدبلوماسي أن فريق بايدن  يحاول رسم مسار جديد وليس تجديدا: "لو نظرنا للوراء فإننا ننظر لعمود من الملح". وقال إن العالم تغير بشكل جذري ليس منذ فوز ترامب عام 2016 ولكن منذ فوز أوباما عام 2008. و"تساعد هذه الانتخابات أمريكا على رسم مسار لها للمستقبل. وقال إن ما يمثله فريق بايدن هو مجموعة من الأشخاص يعرفون كيف ينجزون الأشياء"، و"هؤلاء يشعرون وبألم بما جرى في السنوات الأربع الماضية وعازمون على حرف مسار أمريكا لنوع من التواصل مع العالم"، مضيفا: "لكن علينا استعادة طريقنا، ولا يتعلق الأمر بفتح الباب ولكن الخروج منه والقول: ها نحن، نحن مستعدون لتولي القيادة الآن. ويجب أن يتم اكتساب هذا أولا".

 

اقرأ أيضا: إندبندنت: حزمة تحديات عالمية ستواجه وزير خارجية بايدن

التعليقات (0)