سياسة عربية

قلق مع زيادة أعداد الأسرى الفلسطينيين المصابين بـ"كورونا"

الاحتلال يحرم الأسرى من مستلزمات التعقيم والوقاية من كورونا- الأناضول
الاحتلال يحرم الأسرى من مستلزمات التعقيم والوقاية من كورونا- الأناضول

تحاول دعاء اشتية أن تجد طريقة للوصول إلى أي معلومة عن زوجها الأسير كامل حمران؛ والذي كان يتواجد في قسم ثلاثة بسجن "جلبوع" الإسرائيلي؛ وأصيب مع أكثر من مئة أسير بفيروس "كورونا".

حالة القلق التي تعيشها العائلة لا تختلف عن بقية عائلات الأسرى؛ حيث إن تسارع الإصابات وزيادتها بشكل كبير في سجون الاحتلال كان بشكل لافت، ولكن الذي زاد من خوف الأهالي أكثر هو طريقة التعامل مع المصابين.

وتقول اشتية لـ"عربي21" إن أنباء وصلتها عن إصابة عدد من الأسرى بالفيروس في السجن، ومن ضمنهم زوجها وبعدها لم تعرف أي معلومة إضافية؛ حيث حاولت التواصل مع المؤسسات المتابعة لشؤون الأسرى، ولم تتمكن من إيجاد إجابة واضحة بسبب سياسات الاحتلال التي حاول فيها التكتم على حال المصابين.

مرت أيام عدة قبل أن تعلم دعاء أن زوجها معزول في أحد السجون مع بقية الأسرى المصابين؛ ولم تتلق حينها أي خبر يتعلق بحالته الصحية، فالوباء العالمي هذا لا يفرق بين شاب ومسن وتزيد خطورته في الأماكن المغلقة كالسجون.

وتوضح أنه بعد ما يقارب الأسبوع على إصابة الأسرى فقد وصلت للعائلات أنباء بأنه تم تحويل قسم ثلاثة لعزل المصابين فيه بعد تزايد أعدادهم؛ ولكن معاملة الاحتلال معهم كانت تختلف كليا عما يجب أن تتم به معاملة مريض فيروس كورونا.

وتتابع: "علمنا عن طريق المحامين والمؤسسات الحقوقية أن الاحتلال لم يقدم لهم أي دواء سوى مسكن الأكامول؛ كما أنه قام بفرض إجراءات عقابية عليهم رغم مرضهم مثل الإجبار على البقاء في الغرف وحرمانهم من الشراء من بقالة السجن؛ وفوق كل ما يعانونه فقد حرمهم من زيارة الأهالي التي كانت مقررة قريبا والتي تأتي مرة كل شهرين ويتعطش لها الأسير".

ووفقا لجمعية نادي الأسير الفلسطيني فإن الاحتلال كان يعامل الأسرى المصابين بطريقة سيئة؛ حيث قدم لكل غرفة ليمونة واحدة ليستخدمها أكثر من سبعة أسرى معا.

وأوضح النادي في بيان له أن مخاطر استمرار انتشار الفيروس في السجن لا تزال قائمة، وأن عدد الإصابات مرجح للارتفاع، خاصة مع مماطلة إدارة السجن في أخذ العينات من الأسرى المخالطين لمدة تزيد على أسبوع، كما أن إدارة السجن تكتفي بإعطاء ليمونة واحدة لكل غرفة من الغرف التي يقبع فيها الأسرى المصابين، عدا عن اضطرار الأسرى لشراء الكمامات، ومواد التنظيف على حسابهم الخاص.

غذاء سيئ

أما السيدة أمان منصور زوجة الأسير أمير اشتية من مدينة نابلس فتؤكد أن حالة القلق التي تعاني منها العائلات هي عدم وجود معلومات دقيقة عن أوضاعهم الصحية.

وتقول لـ "عربي21" إن الاحتلال تعمد منذ بداية انتشار الجائحة في السجون التكتم على أوضاع الأسرى من أجل زيادة القلق والتوتر لدى عائلاتهم؛ كما أنه حرمهم من الزيارات العائلية وهي المتنفس الوحيد لهم.

 

اضافة اعلان كورونا
وتؤكد أنها حاولت التواصل مع المؤسسات المختلفة ولكن أيا منها لم يتمكن في حينه من زيارة الأسرى المصابين، لافتة إلى أن انتشار الفيروس بشكل متسارع يظهر حجم الإهمال الطبي الذي يتعرضون له.

وتضيف: "العالم عاش الحجر المنزلي منذ أشهر ولكن الأسرى يعيشون الحجر منذ سنوات قسرا؛ ولا أحد يمكن أن يكون جلب لهم المرض سوى السجانين الإسرائيليين؛ وهذا يؤكد لنا حجم الاستهتار الذي يتعرضون له هناك".

وتبين منصور أن الإصابة بالمرض تستدعي اهتمام المريض بنوعية الغذاء الذي يتناوله؛ حيث يجب أن يكون صحيا ومتوازنا وأن يعتمد على عناصر غذائية معينة خلال إصابته بالمرض كي تقوي جهازه المناعي؛ ولكن ذلك كله غير متوفر في السجون؛ حيث يمنع الاحتلال إدخال أنواع كثيرة من الخضار والفواكه ويحرمهم من إدخال اللحوم والدواجن إلا في أيام محددة، كما أنه يحرمهم من أنواع الدواء المختلفة ويسمح لهم فقط بتناول مسكن "الأكامول".

أعراض مقلقة

منذ بدء الجائحة قام الاحتلال بتقليص زيارات الأهالي للأسرى لتصبح مرة كل شهرين بدلا من مرة كل أسبوعين؛ وهو ما اعتبر تعديا جديدا على حقوقهم الأساسية، ولكن انتشار الإصابات في سجن جلبوع لم يخضع لأي رقابة أو مساءلة للسجانين وما يقومون به بحق المعتقلين.

أما أعراض الإصابة بالفيروس فكانت متشابهة لدى غالبية الأسرى؛ ولكن بعض الحالات المرضية منهم عانت من أعراض شديدة دون أن يكترث الاحتلال لذلك.

ويقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب لـ"عربي21" إن ما حصل في سجن جلبوع من انتشار لفيروس كورونا بوقت قياسي يدلل على ظلم الاحتلال واستهتاره في تقديم العلاج المناسب للأسرى المصابين.

ويوضح أن الأسرى حين أصيبوا بالفيروس فقد بدت عليهم أعراض المرض بشكل واضح؛ ولكن طبيب السجن الإسرائيلي "تبجح" بأنها أعراض الإنفلونزا العادية؛ ما ساهم في انتشار المرض بقسم رقم 3، حيث أصيب في القسم 68 أسيرا من أصل 80 معتقلا.

ويبين أن مجموعة من الأسرى عانوا أوجاعا شديدة وارتفاعا في درجة الحرارة وضيقا في التنفس؛ كما أن الأسيرين عثمان بلال وضرغام جبارين عانيا من أعراض وصفت بالصعبة وسط قلق شديد على وضعهما الصحي.


ويشير أبو عصب إلى أن إدارة سجون الاحتلال حرمت الأسرى المصابين من الأدوية اللازمة لهم وزودتهم فقط بالمسكنات البسيطة؛ كما أنها عزلت المصابين عن غير المصابين دون تقديم الفحوصات اللازمة؛ ما ضاعف حالة التوتر لدى الأهالي وسبب لهم ضغطا نفسيا.

ويضيف: "الأسرى كانوا في حكم المجهول؛ حيث كانت الأخبار شبه منقطعة عنهم وتأتي بشكل بسيط مع الأسرى المفرج عنهم أو من خلال لقاءات المحامين ببعضهم".

ويرى أبو عصب أن الأخبار الشحيحة وتعمد الاحتلال عدم إيصال أي معلومات للأهالي زادت من القلق لديهم، محملا الاحتلال مسؤولية ذلك، خاصة أن منظمة الصحة العالمية قالت إن السجون مرتع للأوبئة؛ حيث يتعمد الاحتلال حرمان الأسرى من كل وسائل الوقاية؛ وهو يتحمل المسؤولية بشكل كامل عما حدث، بحسب تعبيره.

تجارب خطيرة

أما وزير شؤون الأسرى الأسبق وصفي قبها فذهب في اعتقاده إلى احتمالية أن يقوم الاحتلال بإجراء تجارب على الأسرى الفلسطينيين في ما يتعلق بلقاح الفيروس.

ويقول لـ "عربي21" إن الاحتلال كان خلال تسعينيات القرن الماضي يستخدم الأسرى الفلسطينيين لإجراء تجارب لأدوية جديدة؛ وهو ما يمكن أن يعيد فعله خاصة في ظل الصمت الدولي وعدم الاكتراث بأوضاع الأسرى على كل المستويات وفي ظل انتشار جائحة كورونا في السجون.

ويرى قبها أن ارتفاع أعداد الإصابات إنما يشير إلى السياسة العامة التي ينتهجها الاحتلال بحق الأسرى؛ حيث منذ بدء الوباء في فلسطين في آذار/ مارس من العام الحالي قام بسحب مواد التنظيف والمعقمات من بقالة السجن؛ وحرم الأسرى من الحصول على الكمامات وأبقاهم في الزنازين المكتظة التي لا يمكن أن تخضع لأي معيار من معايير السلامة والوقاية.

ويؤكد أن الاحتلال مستفيد من انتشار الوباء في السجون لأنه بذلك يوفر لديه بيئة خصبة لإجراء التجارب السريرية على الأسرى؛ معتبرا أن ذلك أمر غير مستبعد على الاحتلال الذي يقتل الأسرى بالإهمال ومنع العلاج ويحتجز جثامينهم.

ويضيف: "قبل أسابيع ورد خبر على وسائل الإعلام العبرية؛ مفاده إعلان معهد البحوث البيولوجية ووزارة الصحة الإسرائيلية عن بدء التجارب السريرية للقاح كورونا؛ وهذا الأمر يعيدنا إلى ما حدث عام 1995 حين جرى استجواب وزير الصحة الإسرائيلي في الكنيست؛ وتم الاستفسار عن سماح الوزارة للجهات الأمنية وشركات الأدوية الإسرائيلية بممارسة تجارب الأدوية الخطيرة على الأسرى".

وطالب قبها الجهات الرسمية والحقوقية الفلسطينية والدولية أن ترفع مستوى الاهتمام بما يحدث للأسرى داخل السجون وأن تبدأ بالتحقيق في إمكانية استخدام الأسرى حقولا للتجارب.

التعليقات (0)