سياسة عربية

لماذا عجزت مصر والكويت عن وقف أزمات العمالة؟

العلاقات المصرية الكويتية شهدت أزمات عدة على مدار الأشهر الماضية- مواقع التواصل
العلاقات المصرية الكويتية شهدت أزمات عدة على مدار الأشهر الماضية- مواقع التواصل

شهدت العلاقات المصرية الكويتية أزمات عدة على مدار الأشهر الماضية، بدأت بجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين شخصيات مصرية وكويتية، لكنها تصاعدت الأيام الماضية، لتصل مسؤولين بالبلدين، وذلك على الرغم من التعاون الأمني الواسع بين النظامين.

ومن آن لآخر، يتعرض مصريون عاملون بالكويت إلى اعتداء أو إهانة أو إبعاد، مع وقف تأشيرات دخول عمالة مصرية جديدة، ما يفاقم من الأزمة التي تنتقل لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي يتبعها جدل بين مصريين وكويتيين، شارك فيه شخصيات سياسية وإعلامية وفنية.

ودائما ما تثير النائبة الكويتية صفاء الهاشم، والصحفي مبارك البغيلي، الجدل بتصريحات يعتبرها المصريون مسيئة حول العمالة المصرية في الكويت، إلى جانب تصريح أثار غضب المصريين للممثلة حياة الفهد، بالإضافة إلى نشطاء على مواقع التواصل بالكويت.

 

 

 


وفي ظل انتشار الجائحة العالمية "كوفيد-19"، بمصر والكويت، ثار جدل حول أوضاع العمالة المصرية هناك، وتزايدت المطالبات بترحيل المخالفين منها، وعدم استقدام مَن غادروا إلى مصر إلا بعد انتهاء الأزمة.

"اعتداءات متواصلة"

وفي تموز/ يوليو 2020، اعتدى مواطن كويتي على وافد مصري يعمل في مول للتسوق، وتبعه في أيلول/ سبتمبر 2020 اعتداء شابين كويتيين على مصري بأحد الأسواق.

تلك الاعتداءات وغيرها سبّبت حالة من الغضب، ودعوات لحرق علم الكويت بالقاهرة، في آب/ أغسطس 2020، وهو ما استنكرته السفارة الكويتية، والخارجية المصرية التي اتهمت جهات مغرضة باستهداف علاقات البلدين.

والخميس الماضي، إزاء تعرض طبيبة مصرية للاحتجاز بغرفة مستوصف تعمل فيه منذ 10 سنوات، والضرب البرح على يد كويتي، انتقد مسؤول بوزارة القوى العاملة المصرية الأمر، إلا أن سخريته من سن أمير البلاد بمواقع التواصل الاجتماعي سبّبت أزمة دبلوماسية مع الكويت التي اعتبرت حديثه إهانة.

 


والسبت، أعلن نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، أنه تم استدعاء السفير المصري لدى الكويت، لكن في المقابل، أعلنت وزارة القوي العاملة المصرية، في اليوم ذاته، إقالة معاون الوزير، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بعد إساءته لدولة الكويت.

وفي تصعيد جديد، كشفت صحيفة الأنباء الكويتية، السبت، أن وزارة التربية الكويتية رفضت تجديد إقامة ما يقارب 200 معلم وإداري مصري انتهت إقاماتهم خارج الكويت.

وحول تعداد المصريين بالكويت التي يبلغ تعدادها (4.1) مليون نسمة، أكد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري بالعام 2017، أنهم نحو نصف مليون شخص، وفي 2018، تصدرت الجالية المصرية المركز الثاني بعد الهندية بنحو 445 ألفا و798 عاملا، وفق سفارة مصر بالكويت.

"توافق أمني"

ورغم التعاون الأمني بين النظامين، وتسليم الكويت 3 مصريين إلى القاهرة 12 في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بتهمة دعوة المصريين للتظاهر ضد نظام السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الحكومتين عجزتا عن فك رموز الأزمة الحالية.

وفي تموز/ يوليو 2019، سلمت الكويت 8 مصريين للقاهرة؛ بحجة ارتباطهم بجماعة "الإخوان المسلمين"، كما سلمت مصريين آخرين، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بزعم تشكيل شبكة تحويل أموال لمصر.

"ليست قصة الكويت"

وفي تعليقه على عجز النظام المصري على حل أزمات المصريين بالكويت، رغم وجود تنسيق أمني عالي بين البلدين، يرى السياسي عمرو عبد الهادي، أن "القصة عامة ترتبط بوضع المصري بأعين حكومته التي تعتبره سلعة تصدرها للخارج ويريد الاستفادة منها، سواء بالتحويلات المالية أو ابتزاز تلك الدول".

المحامي والحقوقي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "حال المصري بالكويت كحاله بسنغافورة"، مبينا أن "الصين مليار و300 مليون، لم نسمع عن انتهاك حقوقهم بأي دولة، رغم عمل الصينيين بمهن متدنية كالمصري، لكن حكومته تتعامل معه باحترام، فتوجب احترامه على كل الحكومات".

وأضاف: "حينما يهينهم السيسي بالآلاف داخل مصر، فلا تتوقع حال المصري في الخارج إلا بالحضيض، كما أن النظام لا يحاول إنصاف مصري إلا حين يريد القبض من خلف مصيبته وابتزاز الأنظمة العربية".

وأشار عبد الهادي إلى أنه "بعد ثورة يناير 2011، حوصرت السفارة السعودية حينما حُبس المحامي المصري أحمد الجيزاوي، والآن مئات ومئات يحبسون ويهانون بكل العالم، ولا أحد ينظر إليهم".

"الخوف على التحويلات"

من جانبه، قال الأكاديمي المصري المهتم بتلك الأزمة الدكتور عادل دوبان: "إلى الآن لا يريد المسؤولون في الكويت الاعتراف بوجود مشكلة ما لدى تعامل الشعب الكويتي مع الوافدين من كل الجنسيات وليست المصرية فقط".

وأضاف بحديثه لـ"عربي21": "أما الجانب المصري، فيحاول الحفاظ على التواجد الكبير للمصريين بالخارج، طمعا في تحويلاتهم، التي تمثل الجزء الأكبر من موارد الدولة من النقد الأجنبي، والتي وصلت العام الماضي 2019 إلى 27 مليار دولار".

وأشار إلى أن الأزمة الأخيرة قد يكون تم تداركها، مؤكدا أنه "بحسب ما قرأت فإن معاون وزير القوى العاملة ذكر أن صفحته بفيسبوك تم اختراقها، وقام بحذف التدوينة المسيئة".

وأضاف أن "الخبر الأخير كان عن عدم تجديد إقامة 200 معلما فقط، وهي نسبة لا تذكر من أعداد المصريين العاملين بالكويت والتي تزيد عن نصف مليون وافد مصري".

وكان دوبان، قد قال عبر صفحته بـ"فيسبوك": "عدم تجديد إقامة المعلمين المصريين، وإنهاء عمل عدد منهم في الكويت، قرار غير مسؤول، وتصعيد لا داعي ولا معنى له، ويبدو أن الكويت الدولة الخليجية الصغيرة لا تهتم بالحفاظ على علاقات جيدة مع مصر".

 

 

"ضرورة وقف التصعيد"

وفي تعليقه على الأزمة، قال سكرتير عام "التحالف المصري"‏ المستشار عبد الحليم منصور: "حتى الآن، لم نر إعلانا رسميا بعدم تجديد الكويت إقامة 200 مصري".

المسؤول المصري السابق بدرجة نائب وزير، يرى في حديثه لـ"عربي21"، "ضرورة وقف التصعيد من الجانبين؛ ذلك أن الكويت بحاجة إلى مصر، وفي المقابل مصر تكن كل الصداقة والأخوة للكويت".

وأشار منصور إلى ضرورة التوافق بين البلدين في ظل ما اعتبره "خطرا تهديد إيران للكويت"، ومن دعاهم بـ"أهل الشر" ودورهم التحريضي، مؤكدا أنه على يقين من أن "أمير الكويت على علم تام بما يدور، وله مواقفه المقدرة".

التعليقات (0)