قضايا وآراء

وشهد شاهد من أهلها.. الغربيون سرقوا آثار مصر

حسين دقيل
1300x600
1300x600
صدر منذ يومين كتاب بعنوان "A World Beneath the Sands: The Golden Age of Egyptology" (عالم تحت الرمال: العصر الذهبي لعلم المصريات)، وهو من تأليف عالم المصريات البريطاني "توبي ويلكنسون". الغريب في الأمر أن المؤلف يذكر ما نقوله دائما، وما ذكرته أيضا في كتابي "حكايات فرعونية"؛ بأن آثارنا المصرية تعرضت للسرقة الممنهجة خلال القرون الماضية من قبل الأجانب، وخاصة من قبل الإنجليز والفرنسيين الذين تنافسوا على سرقة آثار مصر.

يقول الكاتب في كتابه الذي تناول تاريخ نهب الآثار المصرية خلال قرن من الزمان، منذ اكتشاف الكتابة الهيروغليفية عام 1822 إلى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، إن الغرب تنافس على ثروات مصر القديمة.

ويؤرخ "ويلكنسون" في كتابه للتسارع الوحشي بين البريطانيين والفرنسيين والألمان والأمريكيين حول الاستئثار بأسرار الآثار المصرية وكنوزها.

ويروي المؤلف قصصا مثيرة عن الرجال والنساء الأجانب الذين ساعد هوسهم بالحضارة المصرية القديمة في إثراء الفهم بآثار مصر وحضارتها، فيذكر أنه بالرغم من أن هؤلاء الرجال والنساء كانوا صائدي الكنوز المصرية، وأن أساليب بعضهم في التنقيب عن الآثار كانت سيئة ومدمرة؛ إلا أنهم قد أمدونا بتاريخ ظل مدفونا تحت الرمال لقرون طويلة.

وبالرغم من ذلك؛ فإنه يذكر أيضا أن هذه الفترة كانت حقبة من الجشع والغطرسة، حيث فقدت مصر خلالها آثارا لا حصر لها بسبب التنقيب المتهور واللامبالاة، ويذكر أن الغرب كان يسعى نحو (ليس كشفها فقط) امتلاكها!

وقد أشار المؤلف في كتابه الذي احتوى أيضا على 16 صفحة ورسما توضيحيا ملونا، و23 أخرى بالأبيض والأسود، إلى أن التنافس المحموم بين بريطانيا وفرنسا على الأخص كان نحو السيطرة على آثار مصر ونهبها؛ فذكر أن فرنسا وبريطانيا كانت لديهما رغبة شديدة في التفوق على بعضهما البعض من أجل السيطرة على مصر سياسيا وأثريا، وأن كلتيهما استخدمتا المجموعات والآثار المصرية في متاحفهما الوطنية، مثل متحف اللوفر والمتحف البريطاني، كمقياس ورمز لنجاحهما على اكتشاف الآثار المصرية.

وقد سلط ويلكنسون الضوء على بعض الحوادث المؤسفة والجرائم التي ارتكبتها الدول الأوروبية بحق الآثار المصرية، فذكر أن:

1- الضابط في الجيش البريطاني المدعو "ريتشارد ويليام هوارد فايس"؛ قد استخدم البارود والديناميت لتفجير الأهرامات بحثا عن مدخل إليها، بل وقام بعمل حفرة بعمق 27 قدما في الجزء الخلفي من أبو الهول على أمل إيجاد غرفة بداخلها واستخراج ما بداخلها من الكنوز.

2- الأثري الفرنسي "أوغست مارييت"، الذي اكتشف عام 1851 معبد السيرابيوم في سقارة، استخدم أكياس الحبوب لتهريب مئات القطع الأثرية وشحنها خلسة إلى فرنسا.

3- فريق التنقيب الألماني قام بسرقة رأس "تمثال نفرتيتي" في تل العمارنة، وشرح كيف نقلوه على الفور إلى برلين.

وذكر ويلكنسون أن هذه العمليات من النهب، وخاصة عملية سرقة رأس نفرتيتي عام 1912، جعلت المصريين يدركون مدى استغلال الأجانب لهم وسرقة تراثهم.

وأكمل ويلكنسون شهادته بقوله: إن ما جرى من نهب لآثار مصر خلال تلك الفترة من خلال الغرب إنما هو عملية "استيلاء ثقافي"، حيث أكد أن ما حدث كان سرقة ثقافية محمومة وطويلة الأجل وشاملة. والغريب قوله إن هذه السرقات كانت ممولة من الحكومات الأجنبية؛ وأنها كانت عبارة عن مخطط دولي كبير!
التعليقات (0)