ملفات وتقارير

لماذا يسعى نظام السيسي للهيمنة على الرياضة؟

استحوذت شركة "استادات القابضة" التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، على 70 بالمئة من أسهم نادي "مصر المقاصة"- مصر سبورت
استحوذت شركة "استادات القابضة" التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، على 70 بالمئة من أسهم نادي "مصر المقاصة"- مصر سبورت

استحوذت شركة "استادات القابضة" التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، على 70 بالمئة من أسهم نادي "مصر المقاصة"، الذي يلعب في الدوري الممتاز لكرة القدم، وحق إدارة وامتلاك الفريق، في خطوة عززت التساؤل عن سبب سعي نظام عبد الفتاح السيسي للاستحواذ على الرياضة في البلاد.

 

وكشفت صحيفة "الوطن" المصرية نقلا عن مصدر داخل النادي عن عزم الشركة تغيير اسمه إلى "سيتي كلوب"، خلال الموسم الكروي الجديد 2020-2021، بعد إتمام الصفقة الذي سيعلن عنه الأحد.

وكان وزير الشباب والرياضة السابق، أشرف صبحي، قد كشف في تصريحات صحفية في 13 أيار/ مايو 2019 عن اتفاق وبروتوكول تعاون بين وزارة الشباب والرياضة وجهاز المخابرات العامة، يعود إلى عام 2018، يتيح للأخير الهيمنة على نواد رياضية.

 

لعب الدولة في غير ملعبها

واستنكر الناقد الرياضي، أحمد سعيد، اتجاه الدولة للسيطرة على الرياضة المصرية وتحويلها لمشروع تجاري وليس ترفيهيا لصالح المواطنين، وقال إن "الموضوع يأتي في إطار السيطرة على كل قطاعات الدولة بما فيها القطاع الرياضي".

وأشار "سعيد" في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "مراكز الشباب كانت مفتوحة مجانا، وبعد ظهور الملاعب الخماسية وغيرها بشكل تجاري، بدأت الدولة تتجه للسيطرة عليها، ولم يعد الشباب بمقدورهم لعب كرة القدم مجانا، وتحولت اللعبة إلى نشاط تجاري وليس ترفيهيا".

وفرّق سعيد بين الاستثمار في الرياضة وبين السيطرة عليها، قائلا: "شتان بين الاستثمار في المجال الرياضي في أوروبا وبين مصر، ما يحدث الآن من خلال شركة استادات القابضة هو تدخل الدولة للسيطرة على المجال تجاريا وفكريا، تحت مسميات وعناوين براقة".
 
وسلط ظهور المخابرات المفاجئ والقوي في مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الضوء على دور الجهات السيادية في محاولة السيطرة على الرياضة في مصر، حيث أعلنت شركة "استادات القابضة" انطلاقتها الرسمية، بالبدء في إدارة العديد من المشروعات والهيئات الرياضية والملاعب والاستادات إلى جانب تنظيم أهم وأكبر الأحداث الرياضية في مصر وأفريقيا.

 

وأشارت الشركة، في بيان رسمي صادر عنها، إلى "بدء أولى خطواتها في تطوير استادات مصر وهيئاتها الرياضية لتكون مؤسسات رياضية اجتماعية ترفيهية اقتصادية شاملة، من خلال أحدث المعايير والتكنولوجيا العالمية".

 

اقرأ أيضا: انفراد: اتهامات فساد تلاحق مسؤولا عينه السيسي (وثيقة)

ووصف البيان الشركة بأنها "الأكبر في مصر والشرق الأوسط التي تملك حقوق إدارة أكبر عدد من الاستادات والهيئات الرياضية، وهو ما يدفعنا للعمل على أن نكون الشريك الرئيسي والمحرك المثالي للرياضة المصرية".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد سعيد أن "ما يجري ليس لصالح الكرة والرياضة المصرية"، مشددا على أن الاستثمار الحقيقي يكمن في فتح المجال للمستثمرين، "فالدولة جهة رقابية وليست جهة إدارة وشراء، ولن يكون هناك عائد إيجابي على المواطنين، والدليل على ذلك اختفاء أندية شعبية لها تاريخ مقابل سيطرة الأندية التابعة لشركات الجيش والشرطة".

 


وبالتزامن مع انطلاق الشركة السريع في نهاية عام 2019، دشنت حقبة مؤثرة في تاريخها بالإعلان عن إتمام الاستحواذ على نسبة 51 بالمئة؜ من أسهم شركة "بريزنتيشن لايف" صاحبة الحقوق والعلامة التجارية لقناة النادي الأهلي.

وبموجب هذا الاستحواذ، وفق البيان الصادر عن الشركة، تتولى شركة "بريزنتيشن لايف" إدارة قناة النادي الأهلي خلال الفترة المقبلة تحت مظلة شركة "استادات القابضة".

 

اقرأ أيضا: بضباط التقاعد.. السيسي يعسكر الشركات وقطاعات الدولة

الهيمنة على السياسة الشعبية

وبدوره قال الخبير الاقتصادي، حسام الشاذلي: "لا شك أن تأسيس شركة استادات القابضة هو جزء من خطة الدولة للسيطرة الفكرية علي منسوبي ومشجعي أهم لعبة تحظى بشعبية جماهيرية في مصر وخاصة في ظل الدور الهام والتاريخي للألتراس في ثورة يناير وما أعقبها من احتجاجات وكذلك الدور الذي تلعبه الجماهير المرتبطة برموز معينة في الاستحقاقات الانتخابية بشتى أنواعها".

وأضاف لـ"عربي21": "ويبدو أن مجلس إدارة شركة استادات القابضة قد جعل توجه الشركة واضحا جليا في بيانه التأسيسي والذي صدر على لسان محمد كامل الرئيس التنفيذي للشركة، والذي جاء مماثلا لافتتاحيات التقارير السيادية الحكومية المتعلقة بالأمن القومي، أضف إلي ذلك رأس المال التأسيسي والاستثماري الكبير الذي يؤكد على وجود أياد تسعى للتحكم في مفاصل اللعبة في مصر".

وحذر الشاذلي من أن "سيطرة الشركة المخابراتية على نواد هامة وإنشائها لأخرى جديدة يعني السيطرة على عقود اللاعبين وانتماءاتهم والتحكم في توجهاتهم المعلنة والمرتبة بعقود مليونية كبيرة وفرص إقليمية ودولية للتعاقد".

شبهات فساد وغسيل أموال

أما السياسي المصري، عمرو عبد الهادي، فاعتبر "أن توسع الشركات في مجال الرياضة وخاصة كرة القدم يعد نوع من أنواع إهدار المال العام، لقد كنت الوحيد بمصر الذي رفع دعوى قضائية بعد ثورة يناير أمام مجلس الدولة لحل أندية الشركات، إنبي وبتروجيت وطلائع الجيش وحرس الحدود، وما زالت الدعوة أمام مفوضية الدولة ولم يصدر القرار فيها بفعل فاعل".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "هذه الشركات تدخل مجال كرة القدم حتى تفتح باب الفساد في ميزانيتها، حيث إن كرة القدم مجال خسارة وليس مجالا للربح كما يعتبر نافذة أخرى لغسيل الأموال من التجارة المشبوهة، فالسيسي استنسخ نظام الإمارات المالي في مصر وهو النظام القائم على غسيل الأموال تحت ستار شركات عملاقة".

التعليقات (0)