ملفات وتقارير

لماذا تتحدث السلطة في الجزائر عن مؤامرة؟

ذهب الوزير الأول عبد العزيز جرّاد في توصيفه لهذه الأحداث إلى حدّ التأكيد على أن بلاده تتعرض لمؤامرة- جيتي
ذهب الوزير الأول عبد العزيز جرّاد في توصيفه لهذه الأحداث إلى حدّ التأكيد على أن بلاده تتعرض لمؤامرة- جيتي

طغى حديث المؤامرة على خطاب السلطة في الجزائر خلال الأسبوع الأخير، وذلك في تفسيرها لأحداث مربكة تعرضت لها البلاد التي تعاني في الواقع من مشاكل اقتصادية زادت من حدتها الأزمة الصحية.

وترى السلطات الجزائرية، أن حرائق الغابات، وانقطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب خاصة في أيام العيد، والاختفاء المفاجئ للسيولة في المراكز البريدية، وتخريب قارورات وخزانات الأكسجين في المستشفيات، هي أحداث لا يمكن أن تكون بريئة ولا معزولة قياسا إلى توقيتها المتزامن.

وذهب الوزير الأول عبد العزيز جرّاد في توصيفه لهذه الأحداث إلى حدّ التأكيد على أن بلاده تتعرض لمؤامرة، وهي كلمة لم تكن دارجة في الخطاب الرسمي، الذي كان يتحدث في السابق عن وجود أطراف تستهدف البلاد، لكن في سياق عام خارجي ولا يتعلق بمشاكل في تسيير الشأن الداخلي المسؤولة عنه الحكومة.

وطلب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إثر ذلك، بفتح تحقيق معمق للكشف عن خلفيات اندلاع الحرائق وأزمة السيولة وانقطاع الكهرباء والماء، وقام باستدعاء اجتماع للمجلس الأعلى للأمن الذي يضم قادة الأجهزة الأمنية ووزراء القطاعات السيادية، للنظر في هذا الموضوع الذي يوحي تصرف السلطات الجزائرية أنها تتعامل معه بجدية كبيرة.


تباين في الآراء

ولاقى هذا الخطاب الحكومي، حسبما رصدت "عربي 21" على مواقع التواصل الاجتماعي، تباينا في ردود الفعل لدى الجزائريين الذين تحملوا تبعات المشاكل الأخيرة، بين رافض لهذه التفسيرات التي تغطي –حسبهم- على فشل السلطة في التعامل مع الوضع، وبين مصدق لرواية الحكومة في وجود "إنّ" وراء المسألة كما يقولون.

وما زاد في ارتياب بعض الجزائريين، ظهور فيديوهات تصور جهات رسمية وهي تشعل الحرائق في منطقة القبائل عبر طائرات، وهي صور تبيّن بعد ذلك أنها مفبركة، ما دفع للاعتقاد بأن ثمة أطرافا تريد إحداث فتنة عرقية في البلاد، نظرا لكون هذه المنطقة ذات أغلبية ناطقة باللغة الأمازيغية.

يقول الكاتب الصحفي نجيب بلحيمر، إنه عند معرفة أن البلاد تواجه أزمة حقيقية في إنتاج الطاقة، وهذا استنادا إلى الأرقام الرسمية، فإن انقطاع الكهرباء في أيام الحر الشديد التي تشهد استهلاكا قياسيا يصبح نتيجة طبيعية.

وأوضح أيضا في تعليقه على خطاب الحكومة، أن نفس الأمر ينطبق على ظاهرة انقطاع مياه الشرب أو نقص السيولة أو حرائق الغابات، مشيرا إلى "ضرورة الاعتراف بوجود أزمة والعمل بجدية على صياغة حلول بدل الارتكان إلى خطاب المؤامرة".

"صراع الأجنحة؟"

ومن الجانب السياسي، لم تثر هذه التفسيرات حماسة كبيرة لدى الأحزاب للتعليق عليها، حتى من جانب التشكيلات السياسية التي تدافع عن خيارات السلطة وتتبنى خطابها.

ويعتقد ناصر حمداودش،القيادي بحركة مجتمع السلم، في حديثه مع "عربي21"،  بأنه في حال ثبتت نظرية المؤامرة، فهذا يعني أن الوضع لم يتغير داخل منظومة الحكم، وهو الصراع الدائم على السلطة من داخل النظام السياسي، والذي يشكل حسبه، الخطر الحقيقي على البلاد وليس غيره.

ويشير هذا إلى فرضية صراع الأجنحة داخل منظومة الحكم، بين واجهة الحكم الحالية وما يعرف بالدولة العميقة أو المجموعات التابعة لنظام الرئيس السابق التي ما يزال قطاع من السياسيين يؤمنون ببقاء تأثيرها.

وسبق للرئيس عبد المجيد تبون أن تحدث في حواراته التلفزيونية عن تحركات للأطراف المسجونة وهم بعض السياسيين وخاصة رجال الأعمال، تعمل عبر المال الفاسد على تحريك الشارع ضد الحكومة الحالية.

لكن النائب حمدادوش، يعود للتأكيد بأن الحديث عن مؤامرة، "لا يعفي الحكومة والسلطة الحالية من تحمّل مسؤولياتها، وهي مطالبة بمصارحة الرأي العام بحقيقة ذلك".

وأوضح أن "رواية المظلومية وتعليق الأزمات على مشجب الآخرين لا تحلّ الأزمات"، مشيرا إلى أن "الذي يدّعي التمثيل والشرعية عليه تحمّل المسؤولية كاملة، ولا يمكن التهرب منها بإلقاء المسؤولية على الآخر"، فوظيفة السلطة، حسبه، هي "حلّ المشكلات وتلبية الاحتياجات والوفاء بالالتزامات".

"التحول لموقع الضحية"

لكن ما فائدة حديث السلطة في الجزائر عن مؤامرة في ظل ما يظهر من ضعف هذه الحجة في إقناع الرأي العام؟ هذا السؤال يطرح كثيرا في الجزائر في ظل سوابق فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي اعتمدت على إقناع الجزائريين ببقاء رجل مريض على رأس السلطة بحجة وجود تهديدات خارجية.

وفي تحليلها لذلك، ترى لويزة آيت حمادوش أستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن السلطة تواجه أزمة وهي تتعامل معها عبر إنتاج خطاب لا يختلف عن الأساليب السابقة.

وأوضحت آيت حمداوش في حديثها مع "عربي21"، تقول: "في إدارة الأزمة توجد عدة استراتيجيات منها استراتيجية النفي (لا توجد أزمة) و استراتيجية التحويل أو التمويه بإرجاع اللوم على طرف آخر هو من يتحمل مسؤولية ما يحدث".

واعتبرت أستاذة العلوم السياسية، أن هذا الخطاب يوجه فهم المواطن نحو طرف آخر مستهدف غير المسؤول الحقيقي، وهو ما يسمح لمن يستعمل نظرية المؤامرة بالتحول من مُساءل إلى موقع الضحية.

 

اقرأ أيضا: رئيس الجزائر يقيل وزير العمل بشكل مفاجئ

التعليقات (1)
عبد الله
الأربعاء، 05-08-2020 07:07 م
مشكله الجزائر هي الامازيغ فهناك نزعه عنصريه لدى البعض منهم و كراهيه شديده للعرب و في السنوات الاخيره للاسلام فعمليات التنصير على اشدها في مناطقهم و يعلنون جهرا ولائهم لفرنسا للحد انهم يتلفون كل ما هو بالعربيه حتى طال الامر لوحات الطرق فيصبغون بالاسود ما مكتوب بالعربيه و يتركون الفرنسيه !! اما كراهيتهم للاسلام فنجده عبر حواراتهم على مواقع التواصل بل وصلت حتى للتعليقات في الصحف الجزائريه حيث يعلق القراء بشتم العرب و السخريه من الاسلام و تنشر تلك التعليقات . اما النظام فهو ايضا لديه هذه الكراهيه لكل ما هو عربي فالرئيس يخاطب شعبه بالفرنسيه احيانا و كل المعاملات ما زال تفضل الفرنسيه لتسييرها بل المدهش انك عندما تدخل مطار الجزائر عليك ملئ الاستماره بالفرنسيه و عندما تملأها بالعربيه يطلب منك الشرطي كتابتها بالفرنسيه !!! . الجزائر ما زالتا مستعمره فكريا و لغويا ففرنسا قبله الجزائري حتى وصل عدد الجزائرين في فرنسا الى سته مليون !! و الغريب بالامر انك عندما تكلم جزائري بكل هذه الحقائق يفاخر باجداده الشهداء و يلعن فرنسا و.. و لكن لا تستغرب ان سالته ما حلمك يقول الهجره لفرنسا !! هذه الازدواجيه في الرؤيه يعيشها المواطن و المسؤول فلا غرابه ان يقول رئيس الحكومه الجزائريه ان هناك مؤامره لكن لا غرابه ان تسكت الدوله عن المتأمرين لان ما يجمعها بهم من كراهيه و حقد على العرب اكثر من اختلافاتهم في تقاسم السلطه