ملفات وتقارير

الفلسطينيون يقاطعون صفحة المنسق الإسرائيلي.. ماذا بعد؟

خلال الأيام القليلة الماضية أصبحت الحملة حديث الفلسطينيين في الفضاء الإلكتروني وحازت على دعم وتأييد الكثيرين
خلال الأيام القليلة الماضية أصبحت الحملة حديث الفلسطينيين في الفضاء الإلكتروني وحازت على دعم وتأييد الكثيرين

تستمر حملة إلغاء الإعجاب بصفحة منسق عمليات قوات الاحتلال بالضفة المحتلة "كميل أبو ركن" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت شعار "يا عندي يا عند المنسق"؛ حيث نجحت حتى الآن بإلغاء أكثر من ١٠٠ ألف إعجاب بها من مواطنين فلسطينيين وتسعى للمزيد ما دفع القائم على الصفحة إلى إخفاء زر الإعجاب لتعقيد إلغائه.

وخلال الأيام القليلة الماضية أصبحت الحملة حديث الفلسطينيين في الفضاء الإلكتروني وحازت على دعم وتأييد الكثيرين، ولكن المطالب كانت أكبر بضرورة إلغاء متابعة كل الصفحات الإسرائيلية الناطقة بالعربية والتي تستغل حاجة الفلسطينيين للعمل من أجل شرعنة التواصل معهم بشكل علني، حتى وصلت إلى الدعوة لإلغاء دور المنسق بحد ذاته والاستغناء عن الخدمات التي يدعي تقديمها.

ويعزو المراقبون تفاعل الفلسطينيين مع مثل هذه الصفحات إلى الحاجة المادية والواقع السياسي الذي فرضته السلطة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة دون وجود برنامج وطني واضح يتبنى القضايا الأساسية للفلسطينيين، بينما يعتبر آخرون بأن الاحتلال على كل الجهات استغل هذه الظروف من أجل ابتزازهم.

ويرى سهل نفاع (أحد المشاركين في الحملة) بأن هدفها توعوي كي يحصن الفلسطينيون أنفسهم من الوقوع في شباك ابتزاز الاحتلال.

ويقول لـ"عربي٢١" إن الصفحة "تشكل شبكة لاصطياد المواطنين وملاحقتهم وابتزازهم"، معتبرا أن النضال ضد الاحتلال عبارة عن "سلسلة حلقات مترابطة؛ وأن مقاطعة هذه الصفحة تضيف حلقة مهمة في سلسلة النضال ضد المحتل".

ويوضح بأن الحاجة والاضطرار ليست وحدها ما يدفع الفلسطينيين إلى متابعة مثل هذه الصفحات؛ بل إن الجهل سبب آخر حيث أن الكثيرين كانوا يظنون بأنها صفحة تابعة للسلطة الفلسطينية، وأعربوا عن صدمتهم عند معرفتهم أنها صفحة تابعة للاحتلال وقاموا بإلغاء المتابعة والإعجاب بها وإبلاغ عائلاتهم ومعارفهم بذلك كي يحذروا منها.

وتابع:" حث الناس على النضال وإبقاء روح الثورة والنضال متأججة هي غاية كل حر؛ وأعتقد أن الحملة جزء من هذا النضال".
ويتحدث نفاع عن وجود عراقيل أمام هذه الحملة مثل انتقادها من بعض الفلسطينيين؛ فمنهم من انتقد متعاطفا مع العمال في الداخل المحتل ومعاناتهم؛ ومنهم من تساءل لماذا الآن بينما الصفحة موجودة منذ زمن؛ ومنهم من اعتبر أن القائمين عليها تابعون للسلطة وربطوا تزامن الحملة مع قرار وقف التنسيق الأمني.

وأضاف:" رأيت انعكاس الانقسام الفلسطيني بين مؤيدي ومعارضي الحملة انقساما في الفكر والاتجاه وربما انقسام داخل الفكر بعينه".

"خطوة أولى"

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور بأن الحملة "قيمة ومهمة وتهدف إلى خلق وعي فلسطيني مناهض لما يحاول أن يخلقه الاحتلال".

ويقول لـ"عربي٢١" إن "خطوة إلغاء الإعجاب وحدها غير كافية حيث المراد شيء جذري أكثر يهدف إلى إلغاء دور المنسق بشكل تام"، مؤكدا أن مثل هذه الصفحات لها "خطورة كبيرة والهدف منها ليس فقط تقديم خدمات بل هي دعائية تبث السموم وغير مقتصرة على شخصه فقط بل هي جبهة متقدمة في التعامل مع الفلسطينيين".

ويشير إلى أن الصفحة "تهدف إلى استخدام الدعاية وبث السموم وزعزعة الجبهة الداخلية وربط الناس بالاحتلال بشكل مباشر وعلني ما يجعل هذه العلاقة غير محرمة كما كانت فعليا على مدار السنوات".

وعزا منصور التفاعل الفلسطيني مع مثل هذه الصفحات إلى "تراجع الدور الوطني والوضع السياسي العام ما يجعل الأمر أكثر خطورة؛ ويجعل المواطنين يشعرون بأن الأمر ليس جرما كبيرا خاصة للمضطرين منهم".

ويضيف:" لا شك أن الصفحات هذه خطيرة ومحاربتها ضرورية ولكن ما يجعلها قوية وحاضرة وفاعلة بين الفلسطينيين هي الحاجة، وبالتالي يجب أن نسد هذه الثغرة بخلق فرص عمل جديدة وعدم ابتزاز المواطنين في حاجاتهم وهو ما يجعلهم يتوجهون للمنسق لتلبية احتياجاتهم".

ويبين بأن مثل هذه الحملات "تخلق حالة وعي جيدة وتحدث هبّة في وعي الفلسطينيين الذين تجاوبوا مع هذه الحملات وهو سيؤثر على زيادة الوعي وحالة العداء التاريخية بين الفلسطينيين والاحتلال؛ وسيصر بأهداف الأخير في سهولة الوصول للمواطنين".

وحذر منصور من التباطؤ مستقبلا في مثل هذه الحملات ما يجعل الفلسطينيين يعودون بسهولة إلى المنسق من جديد لتلبية احتياجاتهم وهو ما يعزز فكرة إيجاد بديل له، معتبرا أن نجاح الحملة على المدى البعيد مرهون "بالبحث عن بدائل والاستغناء عن دور المنسق الإسرائيلي إلى جانب إيجاد حالة وعي وطني والانسحاب من الصفحات وإلغاء الإعجاب بها والبحث عن بدائل وطنية".

أما حول تناول هذه الحملة عبر الإعلام الإسرائيلي فيؤكد منصور بأن وسائل إعلام الاحتلال اهتمت كثيرا بالقضية وتناولته عبر معلقين ومحللين للشؤون العربية وربطوها بقرار وقف التنسيق الأمني من قبل السلطة وأجواء الضفة بشكل عام؛ كذلك تحدثوا أن أبعاد الحملة وخلفيتها أكبر من مجرد إلغاء الإعجاب بالصفحة واعتبروه جزءا من "حالة التسخين والعدائية التي تحدث بين الفلسطينيين والاحتلال بشكل أكبر حاليا".

 

اقرأ أيضا: حملة فلسطينية تدعو لإلغاء متابعة صفحات الاحتلال (شاهد)

"صهر الوعي"

ويتبع الاحتلال وسائل عدة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى تسهيل تواصل الفلسطينيين مع شخصيات أمنية إسرائيلية لأهداف عدة أبرزها الابتزاز.

وهو ما يؤكده الكاتب والمحلل ساري عرابي بقوله إن الصفحات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي لها أهداف عدة سواء كانت صفحة المنسق أو صفحات ضباط المخابرات الإسرائيلية.

ويضيف لـ"عربي٢١" أن الهدف الأول لها هو "إيجاد بديل ما عن السلطة الفلسطينية من خلال شطب الوجود السياسي للفلسطينيين في الضفة والعودة للتعامل المباشر مع الإسرائيليين عبر وسائل عدة مثل إلغاء الاتفاقيات الأمنية أو انهيار السلطة".

ويوضح بأن الاحتلال يعمل على كل الاحتمالات منذ سنوات حيث جرى تضخيم دور الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة.

ويرى بأن هذه الصفحات تعمل على "تدجين الفلسطينيين وهندسة الوعي من خلال التعامل مع ضباط المخابرات الإسرائيلية بشكل عادي ومعلن؛ وهو الأمر الذي كان مستحيلا خلال الانتفاضة الأولى وكان مجرد الاقتراب من الإدارة المدنية والتعامل مع ضباط المخابرات بالشكل العلني يعبر عن الانحطاط الوطني".

ويضيف عرابي: "تهدف هذه الصفحات لكيّ الوعي الفلسطيني وتطبيق جزء من السلام الاقتصادي بحيث يدفع للفلسطينيين رشوة بالعمل داخل الأراضي الفلسطينية مقابل ليس فقط العمل بل التخلي عن الوعي الوطني وهذا واضح من خلال التعليقات على الصفحة".

ويشير إلى أن سياسات السلطة التي لم تتبن خطابا وطنيا جذريا تعبويا مع بعض الحركات الوطنية وسياسات السلام الاقتصادي وإعادة تشكيل أجندة الفلسطينيين "جعلتهم يتعاملون بأريحية مع هذه الصفحات، ثم تم حذف صفحات خطها لا يناسب السلطة التي أيضا راسلت إدارة موقع الفيسبوك من أجل حذف صفحات معينة".

ويتابع: "في الوقت ذاته لم نسمع عن إجراءات قانونية أو أمنية متعقبة للصفحات الإسرائيلية أو صفحات تحرض على الفلسطينيين بشكل مباشر، ما يؤكد بشكل حقيقي أنها خطوات ممنهجة لصهر الوعي الفلسطيني".

0
التعليقات (0)

خبر عاجل