قضايا وآراء

"أنا مِ البلد دي"!

أحمد عبد العزيز
1300x600
1300x600
.. ومما لا يختاره المرء.. الوالدان والوطن..

وكما أننا مأمورون (في ديننا) ببر الوالدين، بغض النظر عن صلاحهما أو فجورهما.. إيمانهما أو كفرهما.. قسوتهما أو عطفهما.. فإننا مفطورون على حب الوطن، بصرف النظر عما يصيبنا فيه أو بسببه، من بلاء، وابتلاء!

الوطن وإن كان ليس سوى "شكل" في الصفحة الأولى من كتاب الجغرافيا، أو "حِتة أرض" في عالم المحسوس.. فإنه ولا شك.. "الحب الأول" الذي يقع فيه الإنسان، مذ تتشكل حواس الإدراك لديه..

وكأي عاشق، مدمن على العفو عن "خطايا" المعشوق، مهما عَظُمتْ.. يفعل الإنسان مع وطنه.. فالعاشق الولِه، لا يرى إلا "محاسن" المحبوب، غير الموجودة أصلا، وكذلك نحن مع الوطن!

لم يكن يبالغ بسطاء المصريين، حين قالوا في بلاغة وعفوية: "مِرَاية الحب عميا"!

بلى.. عمياء! وإن شئت فقل: لا عينين لها من الأساس.. ولن تكون كاذبا!

نتغنى به، وهو الذي لم يُذِقْنا سوى الألم!

"مَ شربتش من نيلها؟.. طب جربت تغني لها؟.. جربت في عِز مَ تحزن.. تمشي في شوارعها وتشكي لها؟!".. شربت يا آنسة شيرين (أيام أن كان فيه ماء) حتى الثمالة.. فعانيت من البلهارسليا في طفولتي لسنوات! واليوم (بعد الجفاف) بات مجراه حوضا مثاليا لتخمير المخلفات!.. جربت أغني لها، فاتهموني بالإرهاب! وشكوت لها، فقالت لي: "اربط الحمار مطرح ما يقول صاحبه"!"

"دي الأرض بالخير وَلَّادة.. والمَيَّة عندنا بزيادة.. نرويها تطرح سجادة"! كما قالت الحاجة ياسمين الخيام، التي اعتزلت الغناء ولم تعتزل النفاق.. هذه الأرض (اليوم) تشققت وتصحرت، بعد حجب نصيبَها من مياه النيل، خلف "سد النهضة" الإثيوبي، في مقايضة مفضوحة.. "حصة" مصر من المياه، مقابل اعتراف بـ"شرعية" وزير الدفاع الحانث بيمينه، المنقلب على رئيسه المنتخب!

"فيها حاجة حلوة".. كما عبّرت المطربة الشابة ريهام عبد الحكيم، رغم هذا التلوث الخانق! وتلك السحابة السوداء التي لم تفارق سماء القاهرة منذ عقود! أكيد فيها حاجة حلوة، غير أني لا أعرف ما هذه "الحاجة الحلوة" على وجه التحديد!

"أحلى بلد بلدي.. أشجع ولد ولدي.. يا مصر يا عمري.. يا بسمتي وفجري.. والاسم يِحْلَى لي ساعة مَ أقول: ياااا مصر"!.. بصوتٍ باسم متفائل، أعذب من الموسيقى التي صاحبته، شدا بهذه الكلمات محمد قنديل، أحد العنادل القديرة التي زاحمت عبد الحليم حافظ بقوة، بيد أن الأخير استطاع (بعلاقاته السيادية) تأميم الصحافة الفنية لصالحه!

"أنا مِ البلد دي.. بلد المبادئ.. بلد المُعارض.. بلد الموافِق.. والأمر شورى والكل صادق.. والرأي فيها مش رأي فردي"! هكذا "غنى" الشاب الفقيد عماد عبد الحليم.. الأمر فيها شورى!.. والرأي فيها مش رأي فردي!.. من أيام "لا أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".. ذلك السبيل الذي انتهى بفرعون وشيعته في جوف البحر!.. بلد الـ100 ألف معتقل سياسي!.. بلد الانقلابات!.. بلد "هولوكوستات" رابعة، والنهضة، والمنصة، والحرس الجمهوري، ورمسيس، والإسكندرية، والمنصورة!

"أنا مِ البلد دي.. بلد الوفاء.. بلد الشجاعة.. بلد الولاء.. مصر إللي.. دايما بتِدِّي.. "! بلد الطبيبة سونيا عبد العظيم التي قضت بفيروس كورونا، فتجمهر أهل قريتها "شبرا البهو" رغم الحظر، ودون كمامات؛ لمنع دفنها في مقبرتها التي بَنَتها من حُر مالها، وهم الذين نالوا حظا منه في حياتها، إذ لم تتخلف الفقيدة (يوما) عن مد يد العون لهم، فتنكروا لجثمانها المُسَجَّى تحت شمس "البلد دي" الحارقة!

"أنا مِ البلد دي" التي تباكى إعلاميو سلطة الانقلاب فيها على الدكتورة سونيا، وأنكروا (لغاية في نفس سيدهم، وليس مروءة منهم) سلوك أهل القرية الشائن تجاه جثمان الفقيدة.. ناسين أو متناسين أنهم أول مَن مارس هذا السلوك الهمجي الصادم الذي لا يقره دين، ولا ترضاه فطرة سوية، يوم رقصوا على دماء المعتصمين السلميين في رابعة وأخواتها!

"أنا مِ البلد دي".. بلد المقدم محمد الحوفي أحد جلاوزة الأمن "الوطني" الذي مات (حسب رواية داخلية الانقلاب) أثناء اشتباكه مع "الإرهابيين" في منطقة الأميرية بالقاهرة، ولم تقل لنا الداخلية من هم هؤلاء الإرهابيون!!.. ورغم إعلان سلطة الانقلاب "حظر صلاة الجماعة"، خشية تفشي فيروس كورونا، فقد توافد مئات المشيعين إلى دمنهور، يتقدمهم "رموز" من الداخلية والأزهر؛ للصلاة على "شهيد الواجب"! أما الرئيس المنتخب "المقتول" فلا جنازة له ولا عزاء!

"ما شافش الأمل في عيون والولاد، وصبايا البلد.. أصله م عدَّاش على مصر"!.. الحمد لله إنه "ما عداش" يا شادية هانم! فقد عافاه الله من مصير ريجيني! أما الأمل اللي في عيون الولاد وصبايا البلد.. فقد انطفأ على أيدي (حماة البلد) من القوات الخاصة، وعملاء الداخلية، وقادة العسكر!

"حبيبتنا بلدنا اللي كنوزها.. رجعت لاصاحبها وأهاليها"!.. هذا ما "أعلنه" العندليب، في حضور "الزعيم ".. أما تهريب آلاف قطع الآثار إلى إيطاليا في "حاويات ضخمة"، وبيع تيران وصنافير، والتنازل عن غازنا في شرق المتوسط، والتفريط في حصتنا من مياه النيل، فليست سوى "إشاعات"! أو "أوشاعات" كما يقول العوام في مصر، أو أخبار فبركها "أهل الشر"!

"بلد الأحرار.. كلها ثوار.. ولا كلمة لغير شعبها فيها"!.. يواصل عبد الحليم حماسه المصطنع! وليس أصدق على ذلك، من اختيار الشعب لـ"الإسلاميين" في خمس استحقاقات دستورية، ثم كان مصيرهم الاغتيال بالرصاص، أو بالإهمال الطبي في أقبية السجون المظلمة، أو بالتسميم المُبرمج!

"دا كل رملاية.. شجرة ونخلاية.. نسمة وضلاية.. على بيتنا في أرض الفيروز"! رائعة الحاجة ياسيمن الخيام وآخرين.. شدَت بها لسيناء التي حرَّم الانقلابيون دخولها على المصريين "إلا بتصريح أمني".. أو "فيزا" بعبارة أدق!

"دا انا كنت نادرها.. يوم مَ احررها.. وأقول مفيش غيرها.. عروستي من أرض الفيروز"!.. يشدو بها في "شاعرية" مدحت صالح.. فإن كنت لا تزال عازما (يا أستاذ مدحت) على الوفاء بـ"نذرك" وقد بلغت السبعين، فاذهب واطلب يد "عروستك" السيناوية من أسرتها المُهَجَّرة قسرا إلى إحدى مدن القناة!.. وعليك أن تتهيأ للقاء طفل في العاشرة من عمره.. فهو "رجل البيت" وولي أمر العروس، بعد والدها وإخوتها الذين قضوا بقذائف "مصرية" على أرض الفيروز التي "حررتهَا" سيادتك!

"تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي"! فلم تُبق في حواضر "أرض الفيروز" ولا بواديها، حجرا على حجر، ولا رأسا على كتف، تهيئة لها؛ كي تكون أكبر "وطن بديل لشعب آخر" على مر العصور.. أما الفيروز (الحجر الثمين) فالمصريون لم يسمعوا بوجوده في سيناء، إلا من الحاجة ياسمين.. والعدو الصهيوني هو الجهة الوحيدة المنوط بها تأكيد أو نفي هذه المعلومة؛ لأنه هو الذي يملك خرائط "حصرية" لكل شبر في "أرض الفيروز"، وليس الجيش المصري!

"لما تلاقي الجد في إيدُه حفيدُه.. والناحية التانية السِّبْحَة في إيده.. يبقى انت أكيد في مصر"!.. من حق الشاعر أن "يشطح" حتى يمسك بالمعنى الذي يريد.. لكن ليس إلى حد نحر الحقيقة على مذبح الارتزاق!.. ألم يكن محمد مهدي عاكف جَدَّاً لأحفاد؟ فلِمَ قضى آخر أعوام عمره في السجن، وهو الشيخ التسعيني؟! لماذا حُرِم حفيد عاكف من التعلق بيد جدِّه؟ ولماذ استبدلوا "الكلبش" في يد "الجد عاكف" بالمسبحة؟!

"يا بلادي يا بلادي.. بحبك يا بلادي.. يا مصر بحبك.. بحبك يا مصر".. أكاد أجزم بأن الأستاذ محسن الخياط قد "خَيَّط" هذه الأغنية على عجل، بعد تلقيه اتصالا هاتفيا (من جهة سيادية) بعد منتصف الليل، ولم يسفر الصبح إلا وقد لحنها محمد سلطان وغنتها فايزة أحمد!.. قد تكون الكلمات "سطحية"، وهي (في نظري) كذلك.. لكنها تعبر عن "حقيقة" تسكنني.. ولِمَ لا، وقد تركتُ بضعا مني في "البلد دي".. اسمه "حبيبة"؟

أنا من البلد دي..

@AAAzizMisr
التعليقات (4)
Salah
الأربعاء، 22-04-2020 04:41 م
ولما كل حاجه وحشه قوي كده ...واجع دماغك ليه شوفلك وطن تاني او "حِتة أرض" وبلاش تتعب نفسك كده.
محمد
الثلاثاء، 21-04-2020 10:36 م
اللغة العامية ليست من الكاتب ولكن استشهاد منه ... الرجاء القراءة بعمق ....
ما هذا الكلام؟
الثلاثاء، 21-04-2020 09:37 م
عجيب أن يكتب الأستاذ أحمد عبد العزيز إلى هذا النمط من الكتابة الذي يخرج عن المعتاد من الكتاب والقراء في موقعنا عربي-21 الذي تعودنا فيه الجدية وإعلاء شأن الفصحى، لغة القرآن الكريم. وما لنا نحن بهذا الإسفاف الناشئ عن الوقوع في مستنقع العامة من شخصية يُفترَض فيها أن تتمسك بالعربية وتنادي بالكتابة بها دون غيرها. نرجو أن تكون زلة يتيمة لا تتكرر.
ihabr
الثلاثاء، 21-04-2020 05:24 م
مقال من كوكب تاني