ملفات وتقارير

واشنطن بوست: أمريكا غير مهيأة للأزمات الكبيرة

واشنطن بوست: سنتعلم درسا مهما وسيتم إجراء تغييرات عديدة، كما حدث بعد كل كارثة- جيتي
واشنطن بوست: سنتعلم درسا مهما وسيتم إجراء تغييرات عديدة، كما حدث بعد كل كارثة- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تحليلا، أشارت فيه إلى أن السلطات في الولايات المتحدة غير مهيأة لمواجهة الأزمات الكبيرة المفاجئة.

وافتتحت الصحيفة تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "قلل الرئيس ترامب من تهديد فيروس كورونا، ولم يبد إلا تحركات بطيئة ورسائل مختلطة للمواطنين. لقد أفسدت البيروقراطية الفيدرالية سرعة الإنتاج للاختبارات ضد الفيروس. كما كانت مخزونات المواد الطبية محدودة، وخطوط الإمداد مرهقة، ما جعل المستشفيات تغرق في منافسة بين الحياة والموت".

وبينت أنه "عندما نظر الشعب إلى الحكومة للحصول على المساعدة، بدت الحكومة عاجزة أو متناقضة، وليست هذه المرة الأولى".

وبدأ التقرير يعود بالزمن للأزمات التي مرت فيها الولايات المتحدة بالعقدين الأخيرين بالقول: "كانت الدولة والقادة على علم عندما تم الهجوم بالطائرات في الحادي عشر من شهر أيلول/ سبتمبر عام 2001. الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد عام 2008، وتحولت إلى ركود، ما أجبرت الحكومة على اتخاذ إجراءات جذرية وغير مسبوقة لمكافحة الدمار الاقتصادي".

كما كشف دمار إعصار أندرو في فلوريدا عام 1992، وإعصار كاترينا في نيو أورلينز عام 2005، عن ثغرات خطيرة في الاستجابة الحكومية للكوارث، وفقا للواشنطن بوست.

وقال ليون بانيتا، الذي خدم في الحكومة وزيرا للدفاع ومدير وكالة المخابرات المركزية ورئيس أركان البيت الأبيض وعضو مجلس النواب: "ننتظر دائما حدوث الأزمات، أنا أعي الفشل البشري الذي نتعامل معه، لكن مسؤولية الأشخاص المنتخبين هي بالتأكد من عدم جهلنا عند حدوث الكارثة".

وخلال المقابلات التي أجريت على مدى أسبوعين، أشار كبار المسؤولين والعديد من الخبراء في التعامل مع الأزمات الكبرى، إلى أن الرئيس وإدارته فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق كل المعايير، تقريبا، التي يجب أن تحاول الحكومة الوفاء بها. كما أن الحكومة لم تكن مرنة بالقدر الذي تحتاجه للاستجابة بالسرعة والإبداع كما تتطلب الظروف في كثير من الأحيان. العديد من العوامل في ما يبدو تشكل نقاط ضعف مزمنة، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المشاكل، وتقليل ثقة الجمهور.

 

اقرأ أيضا: مشاهد صادمة لضحايا كورونا في أمريكا (شاهد)

وبينت الصحيفة أنه "سيكون للرئيس ترامب في سجله ما فعله وما لم يفعله في المراحل المبكرة من هذه الأزمة بالذات، لكن المشاكل الآن أصبحت أوسع وأعمق مما يفعله أو لا يفعله الرئيس. فالحكومة تفتقر إلى التخطيط والإعداد، كما أن هناك خوفا بين المسؤولين من المخاطرة، بالإضافة إلى أن دوران الموظفين يسلب الحكومة المعرفة والخبرة التاريخية، كما أن السياسة تقف في الطريق".

وقال فيليب زيليكو، الذي خدم في خمس إدارات: "هذا الوضع لم يكن كذلك في السابق، كانت أمريكا تتمتع بسمعة جيدة كونها براغماتية للغاية، قادرة على حل المشاكل بامتياز، كنا معروفين بالدولة التي يمكنها القيام بأي شيء".

ولطالما كان المسؤولون الحكوميون قلقين من خطر انتشار جائحة مثل فيروس كورونا لسنوات عديدة، في عام 2005 كلف الرئيس جورج بوش بوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الأوبئة. وانتهى الأمر بإدارة أوباما بالتعامل مع سلسلة من التهديدات بالفيروسات، وتم نقل هذه التجربة إلى إدارة ترامب قبل ثلاث سنوات.

وكان أندرو كارد جونيور وزيرا للنقل في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش عندما ضرب إعصار أندرو فلوريدا، وكان هناك انتقاد للاستجابة الفيدرالية، ما دفع بو للذهاب إلى فلوريدا، وتولي المسؤولية هناك. كانت هناك مقاومة داخل البيروقراطية، قال كارد: "اكتشفت أن الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ عظيمة جدا، لكنهم جميعا كانوا خائفين من اتخاذ أي خطوة لم يكن منصوص عليها في كتاب الطوارئ". تعلم كارد من خلال تلك التجربة وبعد مواجهة عدة أزمات أن هناك مزيجا من الخوف والجمود البيروقراطي عندما يتطلب الأمر إجراءات فورية ومبتكرة.

وقال: "لكل بيروقراطية زخمها الخاص، لكن التحدي يكمن في التعامل مع الكارثة ومعالجة الزخم أو العجز".

يشكل انعدام التكامل عبر الحكومة عقبات أخرى، وكذلك الحال بالنسبة لتغيير الموظفين أو الوظائف الشاغرة في المناصب الرئيسية، والتي كانت مشكلة مستمرة، خاصة في هذه الإدارة.

قال المدير السابق للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أندرو ناتسيوس، إن الوقت هو أثمن قاعدة عند التعامل مع الكوارث، وأضاف: "مدى سرعة تحركك سيحدد ما إذا كنت تتحكم في مسار الأحداث أم خرجت الأمور عن سيطرتك".

ومع أنه لا يوجد رئيس قادر تماما على إدارة الأزمات وحده، وهو ما يعني الاضطرار إلى الاعتماد على القادة في الوكالات الذين يمكنهم المساعدة في تنفيذ السياسات. في وقتنا الحالي، ما يعيق ترامب هو عدم شغل الوظائف السياسية بالكامل في جميع أنحاء الحكومة وخطاباته التي تشوه وتعادي المسؤولين المهنيين، الذين هم في غاية الأهمية في مثل هذه الأوقات.

وقالت الصحيفة: "لا يوجد خطة يمكن أن تنجح بشكل كامل على أرض الواقع، لكن ما يقلق بعض الأشخاص الذين درسوا قضايا التأهب والعمل الحكومي هو التدهور طويل المدى في قدرة الحكومة الفيدرالية على القيام بتخطيط مرتجل على نطاق واسع".

 

اقرأ أيضا: فورين بوليسي: البطالة ستوصل أمريكا إلى حافة الهاوية

يتطلب الارتجال في خضم الأزمة مجموعة واحدة من المهارات، سواء من حيث القيادة أو القدرة على صنع السياسات الإبداعية. ولكن كيف يمكن للحكومة أن تستعد للأزمات المقبلة التي يبدو أنها تأتي بوتيرة سريعة؟

التخطي للأزمة المقبلة يحتاج مالا، يعرف القادة السياسيون أن هناك القليل من الدعم لاتخاذ إجراءات استباقية، خاصة عندما تكون التكلفة مرتفعة. حتى إذا كان المال متاحا، فإن تحديد كيفية إنفاقه يمكن أن يفشل الغرض من الحصول عليه.

ويمكن أن يكون غياب القدرة على التخطيط الحقيقي مدمرا بشكل خاص في سياق تهديد بعيد يظهر في الأفق.

ينظر أستاذ اقتصاد في جامعة جورج ميسون تايلر كوين إلى ما حدث مع جائحة فيروس كورونا للتكهن بكيفية تعامل الحكومة مع التهديدات الناجمة عن تغير المناخ؛ كان لدينا تحذير قوي بما سيحصل منذ شهرين ولم نفعل شيئا. حتى الآن فيما يتعلق بإعداد الاختبارات وإجراءات السلامة هناك تأخير لا يصدق، قد نتغلب في النهاية على الفيروس، ولكن كما تعلمون، مع تغير المناخ تحتاج من 20 إلى 30 عاما لتكثيف الجهود حتى تتعامل معه.

وأضاف أنه وبالنظر إلى كل التحذيرات والأدلة من الصين بشأن تفشي الوباء، لا يمكن تفسير سبب عدم تحرك الحكومة الفيدرالية بسرعة أكبر.

سيتم فحص أداء إدارة ترامب والحكومة كلها في الاستجابة لتفشي وباء كورونا بدقة، إن تعامل الرئيس مع الوضع الراهن هو محور الانتقادات، وقد تتوقف إعادة انتخابه على كيفية تقييم الجمهور لقيادته.

وقالت الصحيفة: "سنتعلم درسا مهما، وسيتم إجراء تغييرات عديدة، كما حدث بعد كل كارثة. أي شخص يبحث عن إصلاحات بسيطة -كمخزون أكثر من المواد، أو مزيد من التمويل للصحة العامة- سيجد نفسه محبطا. هذه التغييرات وحدها لن تحل المشاكل الكامنة لثقافة الحكم والسياسة".

وقال توم ريدج، السكرتير الأول لوزارة الأمن الداخلي في البلاد: "لقد تساءلت في كثير من الأحيان عما إذا كانت الديمقراطية الكبيرة مصممة بحيث تكون مستجيبة وليست استباقية، ربما يكون أحد الدروس المستفادة هو أننا سنميل إلى أن نكون استباقيين، لكن مع الدورات الانتخابية كل عامين، لن يكون هناك الكثير من المصداقية الممنوحة للأشخاص الذين لديهم بعد نظر".

 

التعليقات (0)