حقوق وحريات

منظمات دولية تدعو الاتحاد الأوروبي لمراجعة علاقاته مع مصر

المنظمات الحقوقية طالبت الاتحاد الأوروبي بضمان مساءلة نظام السيسي واستعادة احترام حقوق الإنسان بمصر- جيتي
المنظمات الحقوقية طالبت الاتحاد الأوروبي بضمان مساءلة نظام السيسي واستعادة احترام حقوق الإنسان بمصر- جيتي

دعت 6 منظمات حقوقية دولية إلى "إجراء مراجعة شاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر في ضوء الحملة المستمرة وغير المسبوقة ضد حقوق الإنسان في البلاد"، مطالبين بإجراء مراجعة عامة وشاملة لأوجه دعم ميزانية المفوضية الأوروبية لمصر، والتأكد من أن أموال الاتحاد الأوروبي لا تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان.

جاء ذلك في رسالة مشتركة لهم، الأربعاء، وصلت "عربي21" نسخة منها، وتم توجيهها إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، والممثل السامي للمفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، ومفوض الاتحاد الأوروبي أوليفر فاريلي.

ودعت الرسالة إلى "وضع وتنفيذ استراتيجية شاملة تستهدف نتائج محددة، وتستخدم جميع الأدوات المتاحة تحت تصرف الاتحاد الأوروبي لوقف هذا التوجه القمعي بشكل عاجل، والتواصل بشكل أفضل مع مصر بشأن حماية حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب".

وقالت المنظمات: "في أيلول/ سبتمبر 2019، خرج الآلاف من المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء مصر إلى الشوارع ضد التقشف وضد الفساد المتفشي في الحكومة وفي الجيش. وردت السلطات المصرية بموجة هائلة من الاعتقالات، احتجزت فيها تعسفا الآلاف من المتظاهرين السلميين والمواطنين المشتبه في معارضتهم. وفي غضون أسابيع، تم اعتقال أكثر من 4000 شخص، حسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات".

وأشاروا إلى أن "هذه الاعتقالات جاءت كجزء من نمط متكرر من الهجمات الوحشية ضد المجتمع المدني وقمع الحقوق الأساسية وجميع أشكال المعارضة، وقد ازدادت هذه الهجمات سوءا بشكل كبير في ظل حكم الرئيس السيسي"، مؤكدين أن "الاعتقالات صاحبتها حملة قمع عنيفة ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين والمنظمات غير الحكومية وشخصيات حزبية معارضة".

 

اقرأ أيضا: الاشتراكيون الثوريون: جرائم السيسي لا تقلِّل من جرائم مبارك

وأضافوا: "مع الأسف، فقد التزم الاتحاد الأوروبي الصمت في مواجهة التدهور الحاد لحقوق الإنسان في مصر، الأمر الذي يرجع في الغالب إلى انقسامات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي جعلت من شبه المستحيل مجرد إصدار بيانات تعبر عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء الأوضاع في مصر، وحالت بالطبع دون اتخاذ إجراءات عملية".

واستطردوا قائلين: "فبعد موجة عنف واعتقالات وترهيب شنتها الحكومة المصرية، كان رد الاتحاد الأوروبي سلبيا مما دفع البرلمان الأوروبي إلى الدعوة لمراجعة شاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر".

وتابعوا: "نحن إذ نتفق أن ثمة حاجة ملحة لهذه المراجعة، نظرا لفشل التوجه الحالي في الوصول لأية نتائج ذات معنى، نحث الاتحاد الأوروبي على التأكيد مجددا أن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون هي العناصر الأساسية في أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وضمان التنفيذ السليم لهذه الالتزامات".

وأردفوا: "تنص أولويات الشراكة 2017-2020 على أن علاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر تسترشد بالالتزام المشترك بالقيم العالمية للديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. وفي هذا العام والمقرر فيه تجديد هذه الشراكة، على الاتحاد الأوروبي الإصرار على وضع هذه القيم في قلب شراكته، وأن يهدف إلى الحصول على التزامات أقوى وأكثر واقعية من مصر بشأن هذه القضايا، وأن يضمن التزاما أفضل في ضوء استمرار فشل مصر في ذلك خلال الدورة الحالية".

وأشارت المنظمات الدولية إلى أن "أولويات الشراكة الجديدة ينبغي أن تؤكد على أهمية أن يكون المجتمع المدني المستقل شريكا منفذا، قادرا على تلقي التمويل دعما لأنشطته في مجال حقوق الإنسان والتنمية دون قيود لا مبرر لها".

وقالوا: "كما يتعين على الاتحاد الأوروبي الالتزام بالمزيد من الدعم للمدافعين المصريين عن حقوق الإنسان، الذين يواجهون الملاحقة القضائية، من خلال الاستمرار في مراقبة محاكماتهم ومطالبة الحكومة المصرية بالوفاء بالتزاماتها الواردة في المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان، وإصدار إدانات علنية حاسمة وقوية ردا على انتهاك السلطات المصرية لحقوق الإنسان".

وأضافت الرسالة: "لقد سبق وتم تجميد صرف هذه الأموال بعد استنتاجات مجلس الشؤون الخارجية لعام 2013، بعدما ثبت أنه من الصعب على المجتمع المدني وعلى أعضاء البرلمان الأوروبي الوصول إلى معلومات مفصلة حول الوضع الحالي فيما يتعلق بأوجه دعم الميزانية لمصر. وهذا يمنع التدقيق العلني في استخدام ميزانية الاتحاد الأوروبي، ويتعارض مع مبادئ الشفافية والمساءلة".

وطالبت المفوضية الأوروبية بنشر "معلومات واضحة وشاملة حول الدعم المالي الذي تقدمه إلى دول العالم الثالث، وذلك لتبديد الشكوك وتوضيح دور المفوضية الأوروبية"، مؤكدة أن "هذه المعلومات يجب أن تكون مفصلة وواضحة في أن أموال الاتحاد الأوروبي لا تدعم انتهاكات حقوق الإنسان ولا تُستخدم لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان".

وأكملت: "كما يجب على الاتحاد الأوروبي ضمان أن التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة يتوافق تماما مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، على أن يكون أي تمويل من الاتحاد الأوروبي في هذا المجال مجهزا بآلية مراقبة لضمان عدم تورط الاتحاد الأوروبي في تمويل الهيئات أو المؤسسات المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أو المساهمة فيها".

وشدّدت الرسالة على ضرورة "ضمان أن تكون حقوق الإنسان ومشاركة المجتمع المدني المستقل عنصرين رئيسيين في المشاركة المالية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي مع مصر".

وأكدت أنه "بين عامي 2017 و2020 تدهورت حالة حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون في مصر، لذا يجب ألا يعتمد الاتحاد الأوروبي فقط على آليات سياسة الجوار، بل يتعين ضمان أن يكون احترام حقوق الإنسان ومشاركة منظمات المجتمع المدني المستقلة عنصرين رئيسيين في جميع مجالات تعاون الاتحاد الأوروبي مع مصر، وذلك من أجل تشجيع مصر على اعتماد سياسات تحمي حقوق الإنسان".

ولفتت إلى أن "العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تمتثل لالتزاماتها المنصوص عليها في استنتاجات الشؤون الخارجية لعام 2013 فيما يتعلق بتصدير المعدات التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي في مصر، إذ قدمت 12 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى مصر منذ عام 2013 معدات عسكرية أو أمنية يمكن استخدامها للقمع الداخلي".

وقالت: "على الاتحاد الأوروبي أن يعزز جهوده من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر من خلال مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، على النحو المتبع لعدة سنوات في إطار البند 4 من جدول الأعمال. وتبدأ بيانات الاتحاد الأوروبي حول مصر أمام المجلس غالبا بالفقرة المتعلقة بالاعتراف بجهود مصر في مكافحة الإرهاب، وهذه اللغة تحتاج لمراجعة بالنظر إلى تبرير مصر بشكل منتظم لقمعها المتزايد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين عموما بحجة مكافحة الإرهاب، بينما ترتكب انتهاكات جسيمة كجزء من حملتها المستمرة في شمال سيناء".

وأردفت: "في ضوء تصاعد الانتهاكات في مصر، وعدم تعاونها مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر تدقيقا في فحصه لحالة حقوق الإنسان بمصر في 2020، وأن يثير وضع حقوق الإنسان في مصر بصورة منهجية خلال المناقشات العامة بالمجلس".

وأضافت الرسالة: "كما يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الإشارة للحالات الفردية للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يواجهون أعمال تخويف وانتقام عقابا على تعاونهم مع الأمم المتحدة، بما في ذلك المشاركين في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة".

وشدّدت على أنه "يجب إخطار المسؤولين المصريين رفيعي المستوى بأن الاتحاد الأوروبي على استعداد للتصدي لانتهاكات مصر الخطيرة والمنهجية لحقوق الإنسان، وعلى الاتحاد الأوروبي ضمان المساءلة واستعادة احترام حقوق الإنسان في ضوء قرار البرلمان الأوروبي المؤرخ 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2019".

واختتمت رسالة المنظمات الدولية بقولها: "كما نود أيضا أن نطلب اجتماعا مشتركا معكم لمناقشة هذه المشكلات بشكل أكثر تفصيلا. ونتطلع إلى ردكم، ونسعد بتقديم أية معلومات أخرى في هذا الصدد".

ووقع على البيان كل من: منظمة العفو الدولية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومرصد حقوق الإنسان، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومراسلون بلا حدود، وسوليدار.

التعليقات (0)