مقابلات

منظمة سورية: النازحون فقدوا الأمل ويعيشون حياة عوز كامل

مدير منظمة بناء للتطوير هشام ديراني أكد أن المجتمع الدولي فشل بشكل كبير وواضح في سوريا- عربي21
مدير منظمة بناء للتطوير هشام ديراني أكد أن المجتمع الدولي فشل بشكل كبير وواضح في سوريا- عربي21

* استمرار موجة النزوح الأكبر والأضخم بسوريا يؤدي لزيادة حالات الوفاة وانتشار حالة الرعب والذعر

 

* لم يتم تأمين سوى 30% من متطلبات خطة الاستجابة الطارئة التي أطلقتها الأمم المتحدة

 

* المجتمع الدولي فشل بشكل كبير وواضح ولم يقم بأقل مسؤولياته تجاه السوريين

 

* النظام السوري وحليفه الروسي يتحملون مسؤولية الأوضاع المأساوية وكذلك الدول الأوربية وأمريكا

 

* أعداد النازحين تفوق التعداد السكاني للكثير من الدول وهم محصورون في رقعة جغرافية صغيرة جدا بلا بنى تحتية كافية

 

* استمرار عمليات القصف أو التقدم العسكري بريف إدلب سيجعل أرقام النزوح هائلة ومخيفة وغير مسبوقة

 

* الأمم المتحدة مشلولة وأصبحت أشبه بالمذياع.. تتحدث فقط وتعبر عن بعض المشاعر

 

* أعداد الوفيات ستزداد إن لم يكن هناك تدخل مباشر.. وإدلب ستصبح مستنقعا ومصدرا لجميع الأمراض

 
قال المدير التنفيذي لمنظمة بناء للتطوير السورية، هشام ديراني، إن "استمرار موجة النزوح الأكبر والأضخم في سوريا سيؤدي لانخفاض وتيرة الحركة الاقتصادية، وإلى انتشار حالة الرعب والذعر، وزيادة حالات الوفاة بين النازحين، فضلا عن فقد الناس في إدلب لأي أمل، وبالتالي سيسعون جاهدين وبشكل كبير للخروج إلى أوروبا وبلاد آمنة".

وحمّل ديراني، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، النظام السوري وحليفه الروسي مسؤولية تلك الأوضاع المأساوية، لقصفهم المدنيين وقتلهم، وتدمير المنشآت الإنسانية، وقصف المخيمات والمشافي والمدارس. كما حمّل الدول الأوربية وأمريكا بسبب عدم اتخاذهم إجراءات حقيقية تمنع بشكل مباشر ما وصفها بالمجازر التي تحدث في سوريا.

وأشاد بالموقف التركي من الأزمة السورية، قائلا: "تركيا وحدها تحتضن 4.5 ملايين لاجئ سوري، وتحمي في مناطق ريف حلب الشمالي ما يزيد عن 1.5 مليون سوري، وهي الممر الوحيد للعمليات والمساعدات الإنسانية، وكل المنظمات السورية تعمل من تركيا، ولا يمكن أن نتوقع منها أن تتحمل الآن أيضا مسؤولية 4 ملايين سوري إضافي. وأوروبا وأمريكا يجب أن يكون لهم دور فاعل في حماية السوريين".

وأكد ديراني، وهو عضو تحالف المنظمات السورية غير الحكومية "SNA"، أن "المجتمع الدولي فشل بشكل كبير وواضح في سوريا، وخاصة على المستوى الأخلاقي، حيث أن العدالة التي دائما ما يتشدق بها لم تُطبق على السوريين، ولم يقم بأقل مسؤولياته تجاههم"، منوها إلى أنه "لم يتم تأمين سوى 30% من متطلبات خطة الاستجابة الطارئة التي أطلقتها الأمم المتحدة".

وفيما يلي نص المقابلة:

 

ما مدى الاستجابة للنداءات والدعوات والمطالبات التي أطلقتموها خلال المؤتمر الصحفي الأخير الذي عُقد مؤخرا بمدينة إسطنبول التركية بشأن الأوضاع في إدلب؟

 

على صعيد تأمين التمويل اللازم للاستجابة الإنسانية هناك تجاوب، لكنه مازال بطيئا؛ فإلى الآن لم يتم تأمين سوى 30% من متطلبات خطة الاستجابة الطارئة التي أطلقتها الأمم المتحدة. وعلى صعيد إيقاف العمليات العسكرية، إلى الآن لا تزال تلك العمليات مستمرة بالنسبة للنظام السوري وحليفه الروسي، وبالتالي فالنزوح للأسف مازال مستمرا.

منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارك لوكوك قال إن النزوح الحالي شهد أكثر من 900 ألف مدني.. فهل هو الأكبر منذ تفاقم الأزمة السورية؟ وما هي أبعاده؟


نعم إنه النزوح الأكبر والأخطر؛ ففي هذا النزوح أعداد هائلة تفوق التعداد السكاني للكثير من الدول، وتلك الأعداد محصورة في رقعة جغرافية صغيرة جدا لا يتوفر فيها البنية التحتية اللازمة لربع هذه الأعداد، إضافة إلى أن النزوح طال كل مكونات المجتمع سواء من التجار، والمنظمات، والمجالس المحلية، وبالتالي هناك شبه شلل في تقديم الخدمات، وهناك ضعف في توفر البضائع، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

وما هي تداعيات موجة النزوح الأكبر والأضخم تلك سواء على سوريا أو خارجها؟

 

هناك تداعيات على مستويات متعددة، على المستوى الإنساني فإن الاحتياجات كبيرة جدا، وأصبح المجتمع كله يعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية سواء مأوى أو غذاء أو دواء، وغيرها من مستلزمات البشر، وهذا قد لا يستمر إلا إلى فترة قصيرة.

وهذا النزوح الحالي امتداد لنزوح الـ 6 سنوات الماضية ومستمر في وتيرته، لكن بعدد كبير جدا، ومساحة ضيقة للغاية، وضعف شديد في الموارد، وانخفاض في وتيرة الحركة الاقتصادية في المنطقة، إضافة إلى انتشار حالة الرعب والذعر. وهذا كله يأتي في ظل ظروف جوية باردة جدا، وهناك أطفال يأتون إلى المشافي يعانون توقف في التنفس بسبب البرد أو الجوع.

ومن التداعيات أيضا فقد الناس في هذه المنطقة لأي أمل، وبالتالي سعيهم إلى الخروج خارج سوريا إلى أوروبا وبلاد آمنة أصبح حثيثا وكبيرا جدا.

هل تتوقعون استمرار النزوح الحالي؟ وهل قد تكون هناك موجة نزوج جديدة خلال الفترة المقبلة؟


النزوح مستمر، وإذا حصل استمرار في عمليات القصف باتجاه الشمال أو حصل تقدم عسكري في منطقة ريف إدلب الجنوبي أو مدينة إدلب فستكون أرقام النزوح مُخيفة ومُضاعفة، وستكون موجة نزوح غير مسبوقة.

ومن الذين تحمّلونهم مسؤولية تلك الأوضاع المأساوية؟

 

النظام السوري وحليفه الروسي بالدرجة الأولى كونهم هم المجرمون الذين يقومون بقصف المدنيين وقتلهم، وتدمير المنشآت الإنسانية، وقصف المخيمات والمشافي والمدارس.

كما نحمّل الدول الأوربية المسؤولية وأمريكا في الدرجة الثانية، بسبب عدم اتخاذهم إجراءات حقيقية تمنع بشكل مباشر هذه المجزرة في سوريا.

هل لديكم أرقام دقيقة حول أعداد النازحين؟


قرابة مليون نسمة حتى الآن منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019، ويُضاف لهم 2.5 مليون نسمة نازحين منذ عام 2015 في المنطقة. وعدد سكان إدلب الأصليين فقط 1.25 مليون نسمة والمتواجدون الآن في إدلب هم 4 مليون نسمة.

بعض النازحين مروا بتجربة النزوح للمرة الرابعة أو الخامسة أو حتى السادسة، كما تقول بعض التقارير، فكيف ترون صعوبة تعرض هؤلاء للنزوح أكثر من مرة؟

 
هؤلاء فقدوا كل ما يملكون خلال عمليات النزوح حتى فقدوا الأمل مع ذلك. وهم يعيشون حياة ضياع وعدم استقرار وعوز كامل.

ما هي أوضاع النازحين في المخيمات حاليا؟ وما مدى توفر الخيام والأغطية والاحتياجات الأساسية لهم؟


المخيمات مكتظة، وفي شهر نيسان/ أبريل 2019 كانت المخيمات ممتلئة بسعة 400%، حسب تقارير الأمم المتحدة، والآن النسبة تفوق 600%، حيث أن في الخيمة الواحدة يسكن 4 أو 5 عوائل.

والخيم إلى الآن غير متوفرة بشكل كاف، وهناك نقص حاد فيها، ولدينا ما يزيد عن 500 ألف نسمة لا يملكون خيم.

هل عدد الضحايا الذين يخسرون أرواحهم نتيجة نقص الدعم كبير مقارنة بالضحايا الذين يسقطون جراء العمليات العسكرية؟ وكيف يمكن تقليل عدد الضحايا الذين يموتون بسبب نقص الدعم؟

 
الأعداد بازدياد خصوصا في ظل الظروف الجوية السيئة، وضعف الخدمات الطبية، ومازال من يموتون بسبب القصف أكبر، لكن الوضع مؤهل للتفاقم، وسنلاحظ أعداد وفيات متزايدة في حال لم يكن هناك تدخل مباشر. إدلب أصبحت مخيما كبيرا غير منظم وغير مخدم حتى بالصرف الصحي، وبالتأكيد ستصبح مستنقعا ومصدرا لجميع الأمراض.

الأمم المتحدة عبّرت عن قلقها إزاء سلامة وحماية أكثر من 3 ملايين مدني في إدلب والمناطق المحيطة بها في سوريا.. فهل أقصى ما تستطيع الأمم المتحدة فعله هو الإعراب عن القلق؟


الأمم المتحدة مشلولة، وأصبحت أشبه بالمذياع تتحدث فقط وتعبر عن بعض المشاعر، في حين كان يجب عليها أن ترسل فرقا لتقييم الأوضاع، وفرق مراقبة أممية وبشكل مباشر إلى إدلب، وذلك بشكل مستقل عن النظام السوري وذراعه الهلال الأحمر السوري.

وهل الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن تحول دون اتخاذ مواقف حاسمة تساهم في إنهاء أو تقليل تلك الانتهاكات بحق المدنيين؟

 
نعم خلافات مجلس الأمن سبّبت شلل الأمم المتحدة، حتى أن قرار الأمم المتحدة رقم 2165 في عام 2014، والذي مكّن الوكالات الإنسانية التابعة لها من إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التركية إلى مناطق شمال سوريا تم تجديده فقط إلى شهر حزيران/ يونيو المقبل، وتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود يُعد شريان الحياة الوحيد بالنسبة لملايين المدنيين في شمال سوريا.

والآن نحن نعيش مخاوف كبيرة بشأن مستقبل ومصير هذا القرار ومستقبل الأمم المتحدة، لأنه في حال عدم تجديده سيترك 4 ملايين نسمة في إدلب في مهب الريح، وسوف يترك ملايين المدنيين في شمال سوريا بمعزل عن المساعدات المنقذة للأرواح، وسيؤدي إلى تفاقم خطير للوضع الإنساني المزري أصلا، وبالتحديد في إدلب، والمناطق المحيطة بها.

ما هي طبيعة التعاون بينكم والأمم المتحدة؟ وهل هي بالشكل المأمول؟


نحن شركاء للأمم المتحدة في عملية التنسيق، ونستقبل الدعم أيضا من وكالات الأمم المتحدة، وهم يعملون معنا بشكل حثيث لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية في سوريا إلى المحتاجين، ولكنهم مُقيدون بقرارات مجلس الأمن.

هل التمويل المطلوب لمساعدة النازحين هو أكبر مشكلة تواجه عمل المنظمات الإنسانية أم أن هناك مشاكل رئيسية أخرى؟

 
على الإطلاق، التمويل مطلوب لتفعيل الاستجابة الإنسانية. أما المعوقات بشكل رئيسي فهي القصف، والعمليات العسكرية، واستمرار النزوح.

وكيف تنظرون لحجم الدعم المُقدم من الجهات المانحة؟


بشكل عام الدعم المُقدم جيد، والمانحون يعملون بشكل جدي لتأمين التمويل اللازم، لكن في هذه الأزمة التمويل ضعيف جدا ومتأخر، ولا يصل مباشرة إلى المنظمات السورية العاملة عبر الحدود.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إنهم مصممون على جعل إدلب منطقة آمنة لأهلها. فكيف تقيمون الدور الذي تقوم به تركيا في التعاطي مع أزمة اللاجئين السوريين؟

 
تركيا تحتضن على أراضيها 4.5 ملايين لاجئ سوري، وتحمي في مناطق ريف حلب الشمالي ضمن عمليات درع الفرات، وغصن الزيتون، ما يزيد عن 1.5 مليون سوري.

تركيا هي الممر الوحيد للعمليات والمساعدات الإنسانية، وكل المنظمات السورية تعمل من تركيا. ونأمل أن يكون لتركيا جهود أكبر في تأمين السوريين في إدلب، ولكن هذا لا يقع على عاتق تركيا لوحدها، وإنما أوروبا وأمريكا أيضا؛ فلا يمكن أن نتوقع من تركيا التي تتحمل مسؤولية 5.5 ملايين سوري أن تتحمل الآن أيضا مسؤولية 4 ملايين سوري إضافي. أوروبا وأمريكا يجب أن يكون لهم دور فاعل في حماية السوريين في إدلب.

البعض ينتقد الموقف التركي من موجة النزوح الأخيرة لأن تركيا تغلق حدودها أمام هؤلاء النازحين؟


موقف تركيا هو انعكاس لموقف أوروبا التي أغلقت الحدود أيضا، ويجب أن نكون واضحين في ذلك لأن من ساهم بإنشاء السور الفاصل بين تركيا وسوريا هو الاتحاد الأوروبي، وأن الأعداد التي تمت الموافقة على إعادة توطينهم في الاتحاد الأوروبي انخفض بشكل حاد خلال العامين السابقين. النازحون في سوريا يريدون الذهاب إلى أوروبا فهل ستفتح أوروبا أبوابها؟ وبالتالي لا يمكن لوم تركيا التي تحتضن لوحدها 4.5 ملايين لاجئ سوري.

هل يمكننا القول إن المجتمع الدولي فشل بشكل واضح في سوريا؟

 

نعم فشل كبير وخاصة على المستوى الأخلاقي، حيث أن العدالة التي دائما ما يتشدق بها لم تُطبق على السوريين، ولم يقم المجتمع الدولي بأقل مسؤولياته بحماية السوريين.

التعليقات (0)